قالت ورقة بحثية صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي" إن أقصى ما يمكن أن تحققه (إسرائيل) في أية حرب قادمة يتمثل في ضمان تقصير أمدها وتقليص الأضرار الناجمة عنها وتأجيل موعد اندلاع الحرب التالية إلى أبعد أمد ممكن.
وحثت الورقة، التي أعدها الباحث شموئيل حرلاف، صناع القرار في "تل أبيب" إلى بلورة قائمة أهداف "واقعية" يمكن تحقيقها في أية حرب يمكن أن تنشب مع "الأعداء".
ورأت أنه لم يعد بوسع (إسرائيل) حسم أية حرب بشكل تام، كما حدث في حرب العام 1967، مشيرة إلى أن تصميم استخدام القوة العسكرية أثناء الحرب بهدف تحقيق "صورة انتصار" في أعقاب الحرب لا يخدم الأهداف "القومية لـ(إسرائيل)".
وحسب الورقة، التي نشرها موقع المركز، اليوم الثلاثاء، فإن تأمين "صورة نصر" يندرج في إطار لعبة العلاقات العامة ويهدف إلى استرضاء الرأي العام فقط،.
وقال حرلاف إنه في ظل حرب "غير متناسبة" من حيث قدرات القوة العسكرية للأطراف المشاركة فيها، ستتعرض (إسرائيل) لهجمات بآلاف الصواريخ من مناطق مما يجعل السعي لتحقيق حسم عسكري هدفا غير قابل للتحقيق.
ونوه حرلاف إلى أن "العقيدة الأمنية" التي حكمت السلوك العسكري الإسرائيلي خلال الحروب التي خاضتها ضد الدول العربية استندت إلى ثلاث مبادئ رئيسة، وهي "الردع، الإنذار، الحسم"، مشيرا إلى أنه منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي لم يعد بالإمكان تطبيق هذه المبادئ، لأن الأطراف التي باتت تواجه (إسرائيل) لم تعد دول، بل منظمات وأجسام مما فرض الطابع غير المتناسب للحرب.
وأوضح أن ما يفاقم الحاجة إلى إعداد أهداف واقعية للحرب القادمة يتمثل في أن التوتر مع إيران يمكن أن يفضي إلى أحد ثلاثة سيناريوهات لطابع الحرب القادمة: فأما تندلع حرب لبنان الثالثة في مواجهة حزب الله فقط، أو "حرب الشمال"، حيث يمكن أن تهاجم (إسرائيل) من سوريا ولبنان، أو حرب شاملة، تهاجم فيها دولة الاحتلال انطلاقا من سوريا، لبنان، قطاع غزة، العراق.
وحسب معد الدراسة، فإنه "لما كانت (إسرائيل) غير قادرة على تحديد أي سيناريوهات الحرب التي يمكن أن تندلعفي المستقبل، فأنها ستكون مطالبة بالاستعداد لها جميعا وضمن ذلك الحرص بشكل مسبق على تأمين العمق المدني والعمل على تقليص فرص إصابته".
ولفت إلى أنه لا يمكن تحسين مكانة دولة الاحتلال الاستراتيجية من خلال شن حروب تهدف إلى تغيير النظم السياسية في المحيط العربي، مشيرا إلى أن التدخل الإسرائيلي خلال حرب 1982 لتنصيب بشير الجميل، رئيسا للبلاد، بهدف تأمين وجود حكم "صديق" لم يفشل فقط، بل إنه أسفر في النهاية عن نتائج عكسية تماما.
وحسب حرلاف، فان نظرية وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان التي تقوم على إسقاط حكم حماس والسماح بنشوء حكم "صديق" في غزة محكوم عليها بالفشل، استنادا إلى الواقع وتجارب الماضي.
وشدد على أن إستراتيجية إدارة الصراع مع حماس القائمة على التوصل إلى تفاهمات تهدئة بين الحين والآخر غير واقعية لأنها تمكن الحركة من تجاوزها وقتما رأت أن ذلك يخدم مصالحها.
وحثت الدراسة صناع القرار في "تل أبيب" على إعادة النظر في القدرات الهجومية والدفاعية وتصميمها بحيث تضمن تقليص أمد الحرب عندما تقع وتأجيل موعد الحرب التي تليها.
وفيما يتعلق بالبعد الهجومي، فإن معد الدراسة يوصي بأن يستخدم جيش الاحتلال قوة نيران هائلة في الحرب القادمة، لضمان إلحاق أكبر قدر من الأذى بالمنظومات والبنى العسكرية "للعدو" والمرافق المدنية ذات الارتباط بالجهد العسكري.
وشدد على أنه يتوجب تصميم الإستراتيجية الهجومية بحيث تفضي إلى إحداث دمار كبير يؤثر على الوعي الجمعي للمواطنين في البلد الذي تنطلق منه الصواريخ تجاه دولة الاحتلال.
واعتبر حرلاف أن مثل هذه الإستراتيجية يمكن أن تضمن تقليص أمد الحرب وتأجيل موعد اندلاع الحرب القادمة.