سنعمل على تعزيز الخدمات وتوفيرها بالشكل اللائق للمواطن
الاستثمار وتنشيط مراكز البلدية وتطوير الهيكلية الإدارية محل اهتمامنا
حدد رئيس بلدية غزة المنتخب د. يحيى السراج، أربعة عناوين رئيسة لعمله في رئاسة البلدية، مؤكدًا ضرورة أن يكون المواطن شريكًا في التنمية.
وخلال حوار مع صحيفة "فلسطين"، قال السراج: إن العنوان الأول هو تطوير الهيكلية الإدارية ومعالجة قضايا الموظفين داخل البلدية، بمعنى ترتيب البيت الداخلي.
وأشار السراج إلى أن بلدية غزة تعد من كبرى بلديات فلسطين، وليس على مستوى قطاع غزة فقط.
وأضاف أن العنوان الثاني هو إحياء وتنشيط المراكز البلدية المنتشرة في المدينة، لتقدم خدمة ترفيهية مثل المتنزهات والخدمة الثقافية فيما يتعلق بالمكتبة والمطبعة وقرية الفنون والحرف ومركز رشاد الشوا وغيرها، مردفًا: سنعمل على تعزيز دور هذه المراكز لتقديم خدمة مميزة ونشر الثقافة والوعي لدى المواطنين.
أما العنوان الثالث –والكلام لا يزال للسراج- فهو العمل قدر الإمكان على تعزيز الخدمات وتوفيرها بالشكل الحضاري واللائق للمواطن، "وهذا تحدٍّ كبير نأمل أن نستطيع تحقيق طموحنا فيه".
وبيَّن أن العنوان الرابع هو التطوير والاستثمار، لافتًا إلى أن لدى بلدية غزة أملاكًا ومشاريع متعددة تحتاج إلى نظرة فاحصة ودقيقة واستثمار أمثل لها بما يدرُّ الدخل على المدينة، ويُمكِّن من تحقيق الطموح.
وأوضح أن ذلك سيتحقق من خلال العمل مع الموظفين والإدارات والتعاون المشترك مع الجهات الدولية والمؤسسات الوطنية والقطاع الخاص.
وكان السراج انتخب من نخب وشرائح مجتمعية من سكان غزة رئيسا لبلدية المدينة خلفا للمهندس نزار حجازي، خلال لقاء "البيت المفتوح" الذي نظمته البلدية بالتعاون مع وزارة الحكم المحلي في مركز رشاد الشوا الثقافي غرب المدينة، السبت الماضي.
المشاركة في القرار
وقال السراج: إن الشعار العام هو التعاون مع الجميع، والمشاركة في صنع القرار، ويلحق ذلك كاستحقاق الالتزام الطوعي، مفسرًا: نريد أن يلتزم الجميع في اتخاذ القرار ويلتزم بهذا القرار الذي اتخذ بمشاورته ومشاركته، وهكذا نصنع العلاقة المثالية بين المواطن وإدارة البلدية، ونأمل أن يتحقق ذلك.
السراج، المتخصص في هندسة الطرق والمواصلات، قال أيضًا: إن المواصلات عصب الحياة، وقد تطورت بشكل رهيب في العالم كله وفي غزة بالتأكيد.
وبيَّن أن التعامل مع موضوع المواصلات له شقان: الأول إدارة المرافق الموجودة، والآخر تطوير وصيانة المرافق.
ونبه إلى أن الصيانة والتطوير يحتاجان إلى مبالغ ومشاريع ودعم إلى حد كبير، أما الإدارة فهي تحتاج إلى الموارد المحلية والتفكير السليم والاستغلال الأمثل للموجود، وينبغي أن نركز على النقطتين، مع إعطاء أولوية لحسن إدارة المرافق.
وعن تلوث المياه في غزة، قال السراج: إنه لا توجد عصا سحرية لحل هذه المشكلة، لكنه أكد أنه سيلتقي بالدوائر المشرفة المباشرة في هذا الموضوع، وسيعمل على إيجاد كل الحلول الإبداعية لتخفيف التلوث إلى الحد الأدنى، إذا لم ينتهِ نهائيًّا.
وكان القائم بأعمال مدير دائرة صحة البيئة، التابعة لوزارة الصحة د.خالد الطيبي قال في تصريح سابق لصحيفة "فلسطين": إن التلوث الميكروبيولوجي للمياه في غزة انخفض عما كان عليه في بداية النصف الأول من العام الماضي، لكن التلوث الكيميائي تصاعد.
في السياق، لفت السراج إلى مشاريع مدعومة من جهات مختلفة، قائلًا: بصفتنا مواطنين نعيش في غزة نشعر بالامتنان الشديد لكل مؤسسة وجهة وشخص يقدم الدعم والمساندة لمدينة غزة الصامدة، ودورنا يجب أن يكون فتح الأبواب والقلوب والآفاق للتعاون الكبير مع كل المؤسسات بما يخدم المدينة ضمن خطة التنمية التي بدأت البلدية في التحضير لها منذ سنوات.
وتابع: يجب أن نتعاون مع كل هذه الجهات الداعمة المخلصة، وأن يتوجه دعمها ضمن الاستراتيجيات التي تخدم المواطنين.
مقاومة الحصار
وفيما يتعلق بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 13 سنة، أوضح رئيس بلدية غزة المنتخب أن الحصار أصبح أمرا واقعا وملموسا على كل نواحي الحياة، ومرضا مزمنا.
وأضاف: لا أعتقد أن هناك بيتا ولا مؤسسة ولا قطاعا خاصا ولا مصنعا إلا ونالته مشكلة كبيرة بسبب الحصار، لكن غزة صمدت لسنوات طويلة تحت هذا الحصار وقاومته ونجحت بطريقة إبداعية في الصمود والتحدي.
وأشار إلى أن ذلك مثل دافعا للشباب ومختلف الفئات للإبداع وإيجاد الأفكار الإيجابية خارج الصندوق، مؤكدا أهمية التمسك بمفهوم مقاومة الحصار والتغلب عليه وعده تحديا يجب الانتصار عليه.
وشدد السراج على أن الاحتلال هو أساس كل المشكلات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
وفي موضوع التوأمة مع البلديات الأخرى، قال السراج: إن هذا مشروع جميل وحضاري، وهناك فرص عديدة لتعزيز التعاون بين دول حوض البحر المتوسط، وسنحاول أن نكون شركاء فاعلين في ذلك، وسننظر في أي اتفاقات توأمة سابقة مع مدينة غزة لإحيائها وتفعيلها والاستفادة منها.
وفيما يخص المبالغ المالية المتراكمة على بعض المواطنين، أوضح السراج أن القاعدة التي يجب الانطلاق منها هي أن الخدمات المقدمة مهما كانت سواء من البلدية أو غيرها هي خدمات لها ثمن، وليس من العدل طلب الخدمة دون دفع الثمن، لأن ذلك سيحطم أي شركة أو مؤسسة.
لكنه أشار إلى المعضلة المتمثلة بتداعيات الحصار التي أفقدت الكثير من المواطنين القدرة على الدفع، مبينا أن إيجاد التوازن بين قدرة المواطن على الدفع وبين حاجة الخدمة لتوفير تكلفتها يحتاج إلى نظرة دقيقة وحل حكيم، وربما يحتاج إلى التفاوض مع بعض لجان الأحياء والوجهاء لإيجاد مخارج للتسهيل على المواطن في دفع المستحقات والتخفيف عنه قدر الإمكان، وأن تقدم الخدمة بكفاءة وفاعلية ذات مستوى عال.
وعبّر السراج عن طموحه إلى أن يكون كل مواطن شريكا حقيقيا لإدارة البلدية في التنمية، وأن يكون صديقا لها وأن تكون هي صديقة له.
ولفت إلى أهمية التوعية والتغيير الثقافي؛ لأن المواطن هو الذخر، متابعا: نحن نعيش في بلد شحيح المصادر والإمكانات؛ وإذا لم يكن المواطن واعيا وحريصا بالدرجة الكافية وتنمويا فسيكون تأثير أي مشاريع تنموية قليلا.
وأردف السراج: رسالتي للمواطن هي رسالة حب، وقد شعرت بوجود تأييد شعبي وثقة بأمل وطموح عند الكثيرين، وهذه فرصة لعمل نقلة نوعية في مدينة غزة.
ودعا المواطن إلى أن يتعاون مع بلدية غزة ويكون صبورا، وعنصر بناء قويا ويقدم النصيحة والمشورة، ويحافظ على الممتلكات.
وعن آلية انتخاب رئيس البلدية، قال السراج: إن الأصل أن تكون هناك انتخابات شاملة وحرة من قبل المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع، مضيفا: نحن نعيش في ظرف مختلف وصعب من احتلال وحصار وانقسام، وكانت هناك محاولة لإجراء انتخابات قبل عامين وفشلت هذه العملية، وليس هناك أفق لإجرائها.
وكانت محكمة العدل العليا في رام الله، قررت في سبتمبر/أيلول 2016، وقف تنفيذ إجراء الانتخابات المحلية كانت مقررة التي في الضفة الغربية وقطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2016، في حين وصفت حركة المقاومة "حماس" قرار المحكمة بأنه "مسيس" وقالت إنه يهدف إلى "إنقاذ حركة فتح بعد سقوط قوائمها في عدد من المواقع الانتخابية".
ولاحقًا قررت المحكمة بشكل نهائي، إجراء الانتخابات المحلية في الضفة دون قطاع غزة، في حين قررت حكومة رامي الحمد الله آنذاك تأجيل الانتخابات لأربعة أشهر، "ليتسنى اتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية لإجرائها دفعة واحدة"، لكن "حماس" رفضت حينها هذا القرار، مؤكدة أنه "نوع من التخبط والتهرب من الاستحقاقات الانتخابية خدمة لمصالح حركة فتح الفئوية".
وتابع السراج: أضم صوتي لصوت كل من ينادي بإجراء الانتخابات، وإذا كانت هناك إمكانية لإجرائها غدا فنحن جاهزون، لكن بعد استقالة المجلس البلدي الحالي الذي قام بما يستطيع خلال فترة عصيبة وشحيحة المصادر، ورغبته في تجديد الدماء، كانت هناك ثلاثة خيارات: أولها ترك المدينة دون إدارة ولا يوجد عاقل يوافق على ذلك، والثاني إجبار المجلس البلدي الحالي على البقاء في مكانه رغم عدم رغبته وهذا خيار غير مناسب.
والخيار الآخر –وفق السراج- هو التفكير بآلية إبداعية تشبه الانتخابات وتستشف رأي الناس، وأن يشارك المواطنون أو على الأقل قادة المؤسسات ورؤساء الأحياء وقادة الفكر والرأي والنقابات، ويشعروا بأنهم مارسوا شيئا من حقهم في الترشيح والاختيار وهذا ما تم، وهو الخيار الأفضل ضمن هذه المحددات والمعطيات الحالية.