لم تمضِ على زواجه ثمانية أشهر حتى اعتقل.. كان الأسير حذيفة أبو حلبية (28 عاما) يُمنيالنفس بإقامة مراسم استقبالٍ لطفلته الأولى "مجدل"، لكن القضبان الإسرائيلية قيدته، وحرمته من فرحة ينتظرها.. يئن شوقا لطفلته وهو يتجرع مرارةَ الاعتقال الإداري، ومرضًا ينهش جسده.
بعيدا عن ابنته الرضيعة "مجدل" التي لم تتجاوز ستة أشهر، ولم يرها منذ أبصرت الدنيا ولو لمرة واحدة، يستمر أبو حلبية المعتقل منذ العاشر من يونيو/ حزيران 2018م، في إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ 29 على التوالي.
يقول شقيقه مصعب لصحيفة "فلسطين": "اعتقل شقيقي سابقا فترات متقطعة خلال الأعوام 2013، و2016، و2018، بمعدل ثلاثة أعوام ونصف العام، وسبق آخر اعتقال له محاولة اغتيال، عندما نصبت قوات الاحتلال له كمينا أمام باب البيت بوضع بندقية تطلق الرصاص عليه بمجرد فتحه البيت، إلا أن حذيفة اكتشف الأمر".
أبو حلبية المعتقل منذ 13 شهرا إداريا، جدد اعتقال أربعة أشهر للمرة الثالثة، أمضى منها شهرا واحدا، ليعلن بعد ذلك إضرابًا مفتوحًا عن الطعام.
القضية نفسها
ويوضح أن أخاه يعتقل في كل مرة للقضية نفسها، مشيرًا إلى أنه مريض بسرطان الدم ولديه حروق تغطي 65% من جسده بعدما تعرض لحريق وهو طفل غطت جميع أنحاء جسده ويحتاج إلى علاج وفحوصات دورية".
وبصوت متهكم على تهم الاحتلال لشقيقه بتصنيع متفجرات يعلق: "أخي بسبب الحروق لا يستطيع فتح يديه، فكيف يمكن أن يقوم بأشياء كبيرة (..) أجرينا له 55 عملية ويحتاج للعلاج".
ولم يتلقَّ أبو حلبية طوال فترة وجوده في سجون الاحتلال أي علاج، ورفضت إدارة السجون طلبه بنقله لتلقي العلاج في مستشفى "هداسا" بالداخل المحتل، إلا أنها وافقت على نقله فقط إلى مستشفى "الرملة" التي يسمّيها الأسرى "عيادة الموت"، يردف شقيقه: "رفض أخي الذهاب لعيادة الرملة لسمعتها السيئة، وعدم علاجها الأسرى".
قبل أسبوع من إضرابه عن الطعام أخبر الأسير عائلته أنه يعاني من حصوة بالكلى، ويضطر لشرب كميات كبيرة من السوائل، ولم تقدم له إدارة السجون أي علاج.
جسد ضعيف وإرادة فولاذية
بجسد لا يقوى على الصيام، حيث نصحه الأطباء بالإفطار خلال شهر رمضان بسبب ضعف المناعة، قرر الأسير المريض أحمد غنام (42 عاما) من بلدة دورا في الخليل المضي بخيار صعب .. إما "الحرية أو الشهادة".
"مش مستعد أضلني تحت أوامر الاحتلال، وأنا مش عامل اشي .. يا حريتي يا شهادتي" بهذا الشعار أعلن غنام التحدي، مهما كانت النتائج، إذ يواصل الإضراب عن الطعام منذ 15 يوما.
القرار السابق جاء بعد 9 سنوات من الاعتقالات جلها كانت إدارية، بدأت عام 1996م ثم عام 2000 بعدما أجرى عملية زراعة نخاع لكنه لم يكمل فترة العلاج لاعتقاله لمدة ثلاث سنوات، وظل المرض يرافقه ويزداد سوءًا في سجون الاحتلال.
في 25 يونيو/ حزيران 2018م تنفس غنام الحرية بعد سنوات من الاعتقال، لكن الإفراج لم يدم أكثر من عام حتى اعتقل مجددًا في 18 يونيو 2019م.
تقول شقيقته فاطمة لصحيفة "فلسطين": "طوال فترة اعتقاله حرمه الاحتلال من العلاج، كان "الأكامول" هو الدواء الذي يعطيه إياه الاحتلال رغم أنه مريض سرطان، حتى نقص 10 كغم من وزنه نتيجة إضرابه عن الطعام".
لدى الأسير طفلان محمد (4 سنوات) وعمر (10 أشهر)، تقول عمتهما: إنهما يسألان باستمرار عن والدهما، "وين بابا؟.. وقتيش بده يجي؟!".
يبحث محمد عن إجابة عن سؤاله، لكن سرعان ما يرتد إليه صدى صوته، فلا أحد يملك إجابة أو يحدد موعدا للإفراج، فالاعتقال الإداري وإن عرف تاريخ اعتقاله من الصعب تحديد تاريخ الإفراج، الذي قد يتغير في أي لحظة ويمدد لفترة أخرى.
بنبرة صوت غاضبة تخشى فاطمة على حياة شقيقها قائلة: "منذ إضرابه لا نعرف وضعه الصحي، ونحن نخشى عليه، خاصة أن الاحتلال وعده بالنظر في قضيته لإخراجه من سجن النقب ونقله إلى سجن "عوفر" (..) أخي لن يتراجع عن الإضراب حتى لو نال الشهادة، لأنه يريد التخلص من عذاب الاعتقال الإداري".