فلسطين أون لاين

​المنافسة بين "نهلة" وابنتها "زهور" تثمر تفوقهما في الثانوية العامة

...
خان يونس- محمد الهمص:

لم تتوقف أهازيج وأغاني النجاح في منزل عائلة أبو سمحان الكائن في مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة؛ ففرحتهم لم تقتصر على نجاح ابنتهم زهور بمعدل (91.7%) في الثانوية العامة فقط، بل ضاعفتها فرحة نجاح أمها نهلة أبو دقة التي تفوقت أيضًا بمعدل (95%) بعد انقطاعها عن الدراسة 30 عامًا لم تكن كفيلة بأن تجفف نهر حبها للعلم والتعلم.

السيدة نهلة (48 عامًا) تروي لـ"فلسطين" ودموع الفرحة في عينيها قصة تحقيقها أولى خطوات حلمها المؤجل بإنهاء دراستها للثانوية العامة وإتمام دراستها للجامعة: "في كل عام يصل أحد أبنائي إلى الثانوية العامة أفكر في الالتحاق معه، لكن بعض الظروف تمنعني من ذلك حتى وصلت ابنتي زهور؛ فقررت أن أكون إلى جانبها على مقاعد الدراسة".

وتتابع: "في البداية واجهت كثيرًا من المنتقدين من بعض الأهل والجيران، أني لن أستطيع تحقيق ما أريد، خصوصًا أني أم وجدة ولدي كثير من المسؤوليات الأسرية والضغوط المنزلية، لكن أصوات المشجعين كان وقع صداها أقوى، ما دفعني للمضي دون الاكتراث لما يقال".

وتذكر أم أمين أنها منذ أول يوم شاركت ابنتها زهور في مشوارها الصباحي إلى المدرسة حاملةً قرطاسيتها، فلم تفوت يومًا دراسيًّا واحدًا، وحضرت كل الحصص مع طالبات المدرسة النظامية، مع أنها ملتحقة بقسم الدراسات المنزلية.

تضيف والابتسامة على وجهها: "عدت بمخيلتي 30 عامًا إلى الوراء، عندما كنت أذهب مع صديقاتي إلى المدرسة، ما جعل ابنتي زهور صديقتي المقربة أجالسها دائمًا، وأشاركها الأحاديث في الاستراحة المدرسية، ثم نعود معًا إلى البيت، نستكمل معًا الأعمال المنزلية، وليلًا نبدأ مراجعة الدروس جنبًا إلى جنب".

"زوجي وأبنائي وزوجاتهم كانوا نبراسًا لي" تقول السيدة نهلة وهي تنظر إليهم مبتسمة، فقد خرّجت 5 من الأبناء يحملون أفضل الشهادات العلمية، ما عزز لديها الثقة بنفسها وقدرتها على تجاوز كل الظروف التي منعتها وقهر كل المعيقات، والضغوط النفسية أيام الدراسة والامتحانات.

من جانبها تبين زهور أبو سمحان (19 عامًا) أن مشاركة أمها لها في هذا العام صنعت لديها فارقًا عجيبًا، فكانت تدبُّ فيها روح المنافسة للحصول على أعلى الدرجات، وتدعمها إلى جانب الدراسة في تنمية موهبتها في الرسم، وتعطيها رأيها في لوحاتها.

وتضيف: "فخورة جدًّا بوالدتي وسعيدة بهذه التجربة معها، لقد قدمت لي الكثير؛ ليس علمًا فقط، بل أشياء في مختلف مناحي الحياة، وكانت خير منافسة لي، وتفوقت علي في بعض المواد وتفوقت عليها في أخرى".

وعن يوم النتيجة تروي زهور: "في أولى اللحظات وصلتني نتيجة أمي، فظننتها نتيجتي فسعدت جدًّا، وعندما علمت أن معدل أمي أعلى زادت سعادتي، ولم أحزن -ولو لحظة- أنها حصلت على معدل أعلى، مع حديث بعض عن ذلك".

زهور تطمح إلى مواكبة شغفها ودراسة تخصص يتعلق بالرسم والفن كهندسة الديكور أو الفنون الحرفية أو ما شابه، أما الأم نهلة فتطمح إلى استكمال دراستها الجامعية في تخصص الفقه الإسلامي، ثم استكمال دراستها العليا والحصول على درجة الدكتوراة في العلم الشرعي.