بعد أشهر طويلة من العلاج والتعرض لجرعات الكيماوي، حقق المريض أبو محمد عاشور تقدماً ملحوظاً للتخلص من مرض سرطان الأمعاء، ولكن منع دائرة العلاج بالخارج بوزارة الصحة في رام الله إصدار تغطية مالية جديدة له من أجل العلاج، بات يهدد حياته، وحدوث انتكاسة في وضعه الصحي.
ولم يستسلم عاشور لمرضه أو لرفض وزارة الصحة في رام الله إصدار تحويلة طبية له، فذهب لمستشفيات قطاع غزة للحصول على علاجه، ولكن كل محاولاته فشلت بسبب عدم تحويل الأدوية الخاصة بمرضى السرطان من قبل السلطة.
حالة عاشور لم تكن الوحيدة في قطاع غزة، فآلاف مرضى السرطان، والكلى، أصبحوا يواجهون تدهورا في حالتهم الصحية، وخطر الموت، بسبب تعمد السلطة برام الله عدم مد القطاع بالأدوية ووقف التحويلات.
ويوجد في قطاع غزة 8515 مُصابًا بالسرطان، يواجهون أخطاراً يومية متزايدة تمنعهم من الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، في آخر إحصائية لمركز الميزان لحقوق الإنسان.
وعملت السلطة الفلسطينية مؤخراً على اتباع سياسة جديدة في التعامل مع مرضى قطاع غزة، إذ أوقفت التحويلات الطبية عنهم، مع وقف إمداد المستشفيات الحكومية بأبرز الأدوية التي يحتاجها المرضى.
وتستغل قيادة السلطة ملف الصحة وحاجة مرضى غزة للعلاج لتنفيذ أجندات سياسية خاصة بها، وهو ما يعد مخالفاً للنظام الأساسي الفلسطيني، وقانون الصحة العامة رقم (20) لسنة 2004.
سحب الصلاحيات
ولم تتوقف مضايقات السلطة بحق مرضى غزة، إذ كشف مصدر طبي رفض الكشف عن اسمه لـ"فلسطين"، عن قيام وزارة الصحة في رام الله بسحب جميع صلاحيات التحويلات الطبية من موظفيها بدائرة العلاج بالخارج في غزة.
وأكد المصدر أن وزارة الصحة بدأت بسحب جميع صلاحيات موظفيها من قطاع غزة، من أجل عدهم إعطائهم أي فرصة لإصدار أي تحويلة مالية على نفقة السلطة، وذلك ضمن إجراءاتها العقابية ضد القطاع، والتضييق على سكانها.
وقال: "أصبح الحصول على تحويلة إجراء صعبا للغاية، إذ يحتاج المريض إلى إرسال ملفه إلى مقر وزارة الصحة في رام الله، وهي التي بدورها تحدد مدى حاجة المريض للعلاج خارجياً، وذلك بعد وقت طويل".
الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فضل المزيني، يؤكد أن تلقي المريض للعلاج من أبسط الحقوق التي تنص عليها جميع المواثيق الدولية، وخاصة القوانين الفلسطينية التي أكدت على أهمية توفير الحق في الصحة لكل مواطن.
وقال المزيني لـ"فلسطين": "الوضع الصحي في قطاع غزة يعد كارثياً، حيث لا تتوفر الأجهزة الطبية التي تساعد في علاج المرضى، أو المستلزمات الطبية والمختبرات، أو الأدوية، وكذلك المريض محروم من السفر للعلاج خارج مستشفيات القطاع".
وأضاف المزيني: "الموت ينتظر آلاف المرضى الذين يعانون أمراضا خطيرة خاصة أمراض السرطان والكلى والقلب، وذلك يعد انتهاكاً شديداً لحقوق المرضى التي كفلتها القوانين الدولية في الوصول إلى أعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية والذهنية".
وأوضح أن المريض يعد أحد أكثر الفئات ضعفاً بالمجتمع، كونه يحتاج إلى رعاية طبية خاصة حتى يتمكن من الشفاء، ولكن الأوضاع في غزة لا تساعد على تقديم الخدمة العلاجية للمرضى، وهو ما يعرض العديد منهم إلى الموت.
ويشدد الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على ضرورة عدم استخدام المرضى في المناكفات السياسية، وتجنيبهم النزاع السياسي، مؤكداً أن وزارة الصحة في رام الله تتحمل مسؤولية إمداد مستشفيات قطاع غزة بكافة الاحتياجات الطبية.
يشار إلى أن وزارة الصحة في قطاع غزة، أكدت أن مرضى القطاع يعيشون مرحلة غير مسبوقة من النقص الدوائي، مع استمرار الحصار الإسرائيلي، للعام الثالث عشر على التوالي.
وبينت الوزارة في بيان لها أن ما نسبته 52% من الأدوية التخصصية والمستهلكات الطبية قد نفدت من مستودعاتها، داعياً كافة الجهات المعنية، للتدخل العاجل؛ لتوفير الاحتياجات الدوائية.