يحاول أهالي شهداء انتفاضة القدس خاصّة المحتجزة جثامينهم داخل ثلاجات جيش الاحتلال الإشارة إلى حقيقة معاناتهم جرّاء استمرار سلطات الاحتلال انتهاك حقوق أبنائهم الشهداء في الدفن، من خلال إطلاقهم حملة دولية، تستهدف كسر قرارات الاحتلال هذه، والعمل الجاد باتجاه استعادة الجثامين الموجودة في الثلاجات، ورفات الشّهداء المدفونة في ما تعرف بـ"مقابر الأرقام".
ويستهدف القائمون على الحملة من أهالي شهداء ونشطاء حقوقيين وآخرين مناهضين للاحتلال ولسياساته الانتقال بالقضيّة من ساحة الفعاليات الميدانية في المدن والبلدات الفلسطينية بالضّفة الغربية، إلى ساحة المحافل القانونية والدولية، وصولا نحو إجبار الاحتلال على التراجع عن هذه السياسات، وانتزاع حقّ إنساني للفلسطينيين من شهداء وعائلاتهم.
تقول أزهار أبو سرور والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور لصحيفة "فلسطين" إنّ هذه الحملة جزء من الفعاليات المستمرة التي ينفذها أهالي الشهداء، بإسناد من القوى والفعاليات والمؤسسات في بيت لحم، وبقية المحافظات الفلسطينية، بهدف تسليط الضوء على ملف استعادة جثامين الشّهداء في ثلاجات جيش الاحتلال ومقابر الأرقام.
وتضيف: نسعى من خلال هذه الحملة إلى تفعيل الدور السياسي والقانوني استنادا إلى الحراك الشّعبي الجاري في المدن والقرى الفلسطينية، من أجل إيصال رسالة أهالي الشّهداء، والإشارة إلى ما يقترفه الاحتلال من انتهاك لكل الأعراف والقوانين الدّولية والإنسانية باحتجاز الجثامين وحرمانها من الدّفن، وحرمان ذويها من وداعهم وإكرامهم.
وينتقد المحامي محمد عليان والد الشّهيد بهاء عليان ما يصفه تقصير السلطة الفلسطينية الرّسمي في هذه القضية، إضافة إلى تقصير القوى والفصائل أيضا في هذا الصّدد، مشيرا إلى أنّ الجهود في هذا الصدد غير مرضية، موضحا بأنّ السلطة الفلسطينية لم تبذل الجهد الكافي في هذا الإطار منذ بداية انتفاضة القدس.
ويطالب بضرورة أخذ كافة الجهات القانونية والرسمية الدّور المطلوب منها والمنوط بها في هذا الصدد، من أجل استعادة كامل الجثامين والرفات المحتجزة من جانب، ومن أجل كسر هذه السياسة وإجبار الاحتلال على عدم العودة إليها بتاتا.
ويعبر الناشط الحقوقي في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان فريد الأطرش في حديثه لـ"فلسطين" عن أمله في أن تشكل هذه الحملة ضغطا على الاحتلال، من أجل الإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة بشكل تعسفي وغير قانوني، وبما يتناقض مع كافّة المواثيق الانسانية.
ويشدّد على ضرورة تفعيل الموضوع على كافّة المستويات، وأن يصل صداه لكافة المحافل الدولية والحقوقية، مشددا على أنّ القضيّة تتطلب المزيد من الجهود، على مختلف الأصعدة، لأنّ الوقت قد حان حسبما يرى لوقف هذه السياسة، معتقدا أنّ الحملة ستلقى أصداء جيّدة، باعتبار "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة في العالم، التي تمارس هذه السياسة، المتمثلة في عقاب الشهداء من خلال احتجاز الجثامين.
وكان أهالي الشهداء ومؤسسات رسمية وشعبية أطلقوا الحملة بعد لقاء حملة عنوان "اللقاء الوطني لاسترداد جثامين شهداء مسيرة النضال الوطني الفلسطيني في الثلاجات ومقابر الأرقام"، مطالبين بضرورة تفعيل هذا الملف على وجه السّرعة.
ويؤكّد الناشط في حملة استرداد الجثامين أمين البايض لصحيفة "فلسطين" أنّ سلطات الاحتلال تحتجز في ثلاجاتها ستّة شهداء من شهداء انتفاضة القدس، بينما تحتجز أكثر من (250) شهيدا في مقابر الأرقام منذ سبعينيات القرن الماضي، لكنّها تقرّ فقط باحتجاز جثامين نحو (120 شهيدا) من الضّفة ونحو (20 شهيدا) من قطاع غزّة.