قول على قول، برنامج كان يقدمه حسن الكرمي في الإذاعة البريطانية باللغة العربية. قاعدة البرنامج أن القول الأول يستدعي القول الثاني، وربما ثالثا ورابعا، وهكذا، وقد كان برنامجا ثقافيا ممتعا.
نستعيد في هذا المقال البرنامج فنقول: قال رئيس فنزويلا: "أشعر أنني فلسطيني، وأشعر أنني جزء من هذه القضية التاريخية، ولن نتخلى عن فلسطين، ولن يكون هناك مستقبل للاحتلال على الأرض الفلسطينية".
هذا القول المحترم، الصادر عن قيادة محترمة، غير عربية، ولكنها تعرف معنى الاحتلال، ومعنى الوطن، وتشعر أنه لا مستقبل للاحتلال حيثما كان، لا سيما في فلسطين، التي احتلت قلب الرئيس الفنزويلي، فعبر عن هذا الوجدان بكلمات حاسمة نقية لا تلعثم فيها تستدعي قول وزير خارجية البحرين، العربي، حيث يقول :" دولة (إسرائيل) هنا، وباقية، ونريد السلام معها!".
هذا قول عربي، وذاك قول أجنبي، وقول الأجنبي قول منطقي، وقول حق، وقول العربي البحريني قول باطل. نعم (إسرائيل) هنا، ولكنها هنا بقوة الاحتلال، لا بقوة التاريخ والحق والجغرافيا. وبالتالي فهي ليست باقية، وقوله إنها باقية قول باطل، لا سيما أنه قراءة في مستقبل ليس لوزير الخارجية حكم عليه البتة، فالدول تبقى وتزول بأمر الله، وقد تعلمنا في صغرنا أن بقاء الظالمين مستحيل، وأن الظلم أقصر طريق للزوال، فأين الأباطرة؟! وأين الأكاسرة؟! لذا فإن وزير الخارجية يجانب العلم والتاريخ حين يصادر تحرير فلسطين، وعودة فلسطين على خريطة العالم. هذا الخطأ لم يصدر عن جهل، وإنما عن استخزاء، وانبهار بالعدو، كأولئك الذين انبهروا يوما بقوة التتار، وخانوا شعوبهم، وتعاملوا مع التتار على أنهم الحكام الباقون في المنطقة؟!.
في فنزويلا يقولون لا مستقبل للاحتلال على الأرض الفلسطينية، ووزير خارجية البحرين الدولة العضو في جامعة الدول العربية يريد أن يصنع سلاما مع الاحتلال، ويزعم أن دولته باقية، دون أن يقدم دليلا علميا أو تاريخيا على زعمه هذا!
السياسة ليست رضوخا للأقوى، أو انبهارا بشباب دولة تقوم على الاحتلال، وليست السياسة بيعا رخيصا للأخلاق، ولا تجديفا في العلم والتاريخ. السياسة إدارة مصالح، وبنيان يقوم على الحق، والعلم، ولا علم في قول وزير الخارجية، ولا مصالح راجحة لدولة البحرين في التطبيع مع (إسرائيل) التي تحتل أرضنا وقدسنا؟!. فهل فنزويلا باتت أقرب لقضيتنا من البحرين؟!