من داخل زنزانة ضيقة جدًّا أكلت الرطوبة جدرانها، أعلن أمس استشهاد نصار طقاطقة بعد أقل من شهر على اعتقاله، في فاجعة تمثل امتدادًا لسلسلة طويلة من جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى الفلسطينيين.
وعثر على طقاطقة ممددًا على الأرض وقد فارق الحياة داخل زنزانته التي لا تتعدى مساحتها المترين، بفعل الإهمال الطبي الذي تعرض له طوال فترة اعتقاله.
ويقول أمجد طقاطقة، إن قوة من جيش الاحتلال مؤلفة من 20 جنديًّا اقتحموا كالكلاب المسعورة منزل العائلة في بلدة بيت فجار بمدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة فجر 19 يونيو/ حزيران الماضي، واعتقلوا شقيقه نصار (31 عامًا) بعدما وقف بوجه الجنود معترضًا على اقتحامه للمنزل وتفتيشه بأسلوب هجمي وتحطيم أثاثه.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال لم تكتفِ بضرب "نصار" بل كبلت يديه وأعصبت عينيه واقتادته لجهة مجهولة.
ويكمل طقاطقة: بعد أيام من البحث والتحري عن مكان اعتقال شقيقي، أبلغنا أنه موقوف قيد التحقيق في سجن الجلمة، وبعد أيام نقل إلى العزل الانفرادي في نيتسان دون أن يتم تحديد أسباب الاعتقال.
ويتابع: "مرّ شهر على اعتقال شقيقي وكنا ننتظر خبر الإفراج عنه فهو لم يرتكب أي مخالفة تذكر".
ويتوقف طقاطقة عن الحديث لثوانٍ معدودة، موضحًا أنهم سمعوا بخبر استشهاد نصار من أفراد العائلة الذين اتصلوا فجرًا للاطمئنان على حالة شقيقي وليتأكدوا من الخبر، قائلًا: "صدمنا من الخبر ولم نصدق خبر استشهاده".
خيم الحزن على أسرة طقاطقة المكونة من 7 أفراد، وفق ابن عم الشهيد فريد طقاطقة، مع تأكيد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين نبأ استشهاد نصار، مضيفًا: "استشهاده صدمة بالفعل فلم يكن يعاني إطلاقًا من أي أمراض عضوية قبل الاعتقال".
سرعان ما تجمع عدد من عائلة طقاطقة وجيرانه أمام منزل نصار جنوب شرق بيت لحم لمواساتهم باستشهاده.
ويقول فريد: "أبلغنا أن نصار تعرض لتعب شديد قبل استشهاده نقل على إثرها إلى أحد المستشفيات ليعاد إلى زنزانته بعد ساعات يصارع الموت وحيدًا في ظلمات العزل الانفرادي ولتكون شاهدة على جريمة إعدامه".
وبين أن إدارة سجون الاحتلال رفضت التعاون مع محامي الدفاع، ورفضت كذلك إمدادنا بأي معلومة عن موعد تسليم أو تشريح الجثمان وإجراء تحقيق بالجريمة، مطالبًا بتشكيل لجنة دولية للتعرف إلى ظروف اعتقال واستشهاد "نصار" ومحاسبة الاحتلال على جريمته.
وفور إعلان خبر استشهاد الأسير، سادت حالة من التوتر والغليان في سجون الاحتلال الإسرائيلي كافة، وحملت الحركة الأسيرة إدارة السجون المسؤولية الكاملة عن استشهاده.
ومنذ عام 1967 استشهد في سجون الاحتلال 220 أسيرًا فلسطينيًّا نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب الذي يتعرضون له داخل السجون التي تفتقد المعايير الإنسانية، وفق نادي الأسير.