حذر مراقبون من تبعات قرار اتخذته وزارة العمل اللبنانية، على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، منبهين إلى أنه ينذر بمفاقمة معاناتهم ويهدد قضيتهم.
وكانت "العمل" اللبنانية، أعطت مهلة لمدة شهر لتصويب أوضاع المؤسسات التي لديها "عمال غير شرعيين" أو "المخالفين" قانونيًا، وبعيد انتهائها، عمدت إلى حملة نتج عنها إقفال11 مؤسسة، يعمل فيها لاجئون فلسطينيون ونازحون سوريون ولبنانيون أيضا.
وقالت الناشطة الفلسطينية المطلعة على شؤون اللاجئين د. انتصار الدنان: إن من شأن قرار وزارة العمل اللبنانية زيادة نسبة البطالة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين المحرومين أصلا من ممارسة نحو 70 مهنة، متوقعة أن تقفز من 80% حاليا إلى أكثر من 90% إثر ذلك القرار.
وأوضحت الدنان في اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين"، أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان "يُعاملون أسوأ معاملة لا أخلاقية ولا إنسانية، وليس لهم حقوق مدنية ولا تملك ولا أي حق"؛ وفق قولها.
وأضافت أن هؤلاء اللاجئين موجودون في مخيمات "مغلقة عليهم" ومن الممنوع أن يعملوا في مهن الطب والأعمال الحرة التي فيها شهادات عليا، لذا هم يعملون في البناء والدهان وما شابه.
وحذرت الدنان من أن القرار "يضرب الاقتصاد الفلسطيني ويوصل اللاجئين الفلسطينيين إلى مصير مجهول"، في الوقت الذي تحاول فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضغط عليهم لتصفية قضيتهم والموافقة على "صفقة القرن" وإلغاء حق العودة.
وكان قرار "العمل" اللبنانية لقي رفضا واسع النطاق. وأكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في لبنان، رفضها لإجراءات الأخيرة ضد اللاجئين الفلسطينيين؛ إذ قال مصدر مسؤول في الحركة في بيان صحفي: ""نرفض سياسة القتل البطيء، وندعو إلى إنهاء فوري لكل قرارات الإغلاق والمنع".
من جهته نبه منسق العلاقات الخارجية لحركة الجهاد الإسلامي في لبنان شكيب العينا، إلى "الضرر الكبير" الذي سيتركه القرار اللبناني المذكور على اللاجئين، قائلا: إنه يمثل "إجراءات عنصرية لا أخلاقية ولا وطنية تصب في خدمة المشاريع الأمريكية الرامية لتصفية قضية اللاجئين"؛ وفق تعبيره.
وأضاف العينا لصحيفة "فلسطين" أن هذا القرار لا يخدم معركة الفلسطينيين في مواجهة "العدو الإسرائيلي والإدارة الأمريكية"، بل هو "صب للزيت على النار" واستفزاز للشعب الفلسطيني ومحاولة "لدفعه لخيارات لا يريدها".
وأشار إلى أن اللاجئين الفلسطينيين يعيشون حالة من الحصار والبطالة والبؤس، وكل الظروف المحيطة فيهم ضدهم، والظروف المعيشية والحياتية "حدث ولا حرج"، والآن تضاف هذه الإجراءات الجديدة لتزيد معاناة الشعب الفلسطيني "من سيئ لأسوأ".
وقال العينا: إن الشعب الفلسطيني يعيش وضعا استثنائيا في ظل "هجمة شرسة" عليه، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين.
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعد تصفية قضية اللاجئين "الممر الإجباري" لنجاح صفقة القرن، وأنه إذا لم يتحقق ذلك فإن مصير الصفقة هو الفشل.
"لمصلحة من"؟
وتساءل العينا: ما المطلوب من اللاجئ الفلسطيني؟ هل أن يترك البلد (لبنان) التي هو ضيف مؤقت فيها، ويهاجر؟ أم استفزازه ليُصنَّف بأنه "عبء على الأمن وخطر على السلم الأهلي"؟ منبها إلى أن هذا يمثل هدف (إسرائيل).
وقال العينا: إن القانون اللبناني حتى الآن "لم ينصف" الشعب الفلسطيني الذي تعرض لنكبة اللجوء منذ 71 سنة، لافتا إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان موجودون هناك دون إرادتهم؛ فهم يريدون العودة إلى وطنهم فلسطين.
وأوضح أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان لا يمثل "يد عمالة أجنبية" ولا يجب أن ينطبق عليه قرار وزارة العمل، لأنه موجود في لبنان "قسرا".
كما تساءل العينا: لماذا يزج الشعب الفلسطيني في هذه القوانين اللبنانية؟
وأردف: آن الأوان للمسؤولين اللبنانيين أن يتعاطوا إيجابا مع واقع الشعب الفلسطيني وعدم التنكر لحقوقه.
وبيّن أن اللاجئ الفلسطيني "محروم من أبسط حقوقه في لبنان"، متسائلا: لمصلحة من هذا؟
وأكد أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان ليس عبئا على أحد ولا يقبل بأن يكون عبئا، بل هو عامل منتج في السياسة والاقتصاد وعامل استقرار على الصعيد الأمني، "لكن لا أحد يذكر هذه الإيجابيات للأسف".
وأشار إلى دراسات تصنف اللاجئ الفلسطيني على أنه عامل منتج يدر على الخزينة اللبنانية أموالا طائلة، "فلماذا هذا التعاطي العنصري مع اللاجئين الفلسطينيين لدفعهم إلى الهجرة؟"، وفق قوله.
وشدد العينا على أن الشعب الفلسطيني هو من يرفض بالأساس كل مشاريع التوطين وأفشلها على الدوام.
في السياق قال منسق العلاقات الخارجية لحركة الجهاد في لبنان: إن خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تشهد مزيدا من التراجع، في ظل استهدافها من الإدارة الأمريكية عبر وقف التمويل.
وأضاف العينا أن ما تعانيه أونروا من أزمات مالية ينعكس على الخدمات الصحية والطبية المقدمة للاجئين الفلسطينيين وما شابه، في ظل كون الدولة اللبنانية "تعد نفسها غير معنية" في هذ الصدد، "ما يزيد الطين بلة".
وطالب المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته تجاه أونروا لتؤدي واجباتها الإنسانية والخدماتية والاجتماعية والصحية، كما دعا الدولة اللبنانية إلى الالتفات إلى هموم اللاجئين الفلسطينيين ومنحهم أبسط حقوقهم لتساعدهم في الصمود بوجه مشاريع تصفية قضيتهم.
وتابع: معنيون ببقاء اللاجئين صامدين، "وإذا تعرضت المخيمات لأي اهتزاز أو تغيير ديمغرافي فهذا يعني أن قضية اللاجئين في خطر".
كما طالب العينا منظمة التحرير بالسعي في كل الاتجاهات لحماية الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وتعزيز صموده ومنع حرمانه، ورفع الظلم عنه.
وكانت المديرة العامة لدائرة الإحصاء المركزي اللبناني د.توتليان غيدانيان أعلنت أن عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بلغ 174.422 لاجئًا خلال 2017، في حين يقول مراقبون: إن هذا الإحصاء شمل اللاجئين في المدن دون المخيمات، والعدد أكبر من ذلك.