رغم مرور ثمانية أشهر على عملية الاحتلال الإسرائيلي الفاشلة في المناطق الشرقية لخان يونس، فإن تداعياتها ما زالت مستمرة.
وفي السابع من الشهر الجاري، أقر رئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي، أن مهمة تلك العملية التي قُتل خلالها قائد الوحدة الاحتلالية وأصيب آخر بجروح متوسطة، قد فشلت.
ويقول مراقبون: إن فشل العملية الاحتلالية التي وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تثبت تعاظم قدرات المقاومة في قطاع غزة، واليقظة الفلسطينية لأي عدوان إسرائيلي.
وآنذاك تسللت قوة احتلالية خاصة مستخدمة مركبة مدنية حيث اكتشفتها قوة أمنية تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وقامت بتثبيت المركبة والتحقق منها، كما حضر إلى المكان القائد الميداني في الكتائب نور بركة للوقوف على الحدث، وعلى إثر كشف القوة بدأ مقاتلو الكتائب بالتعامل معها ودار اشتباك مسلح أدى إلى استشهاده ومقاوما آخر؛ بحسب بيان لـ"القسام".
وارتقى في أثناء عمليات المطاردة والاشتباك المباشر أربعةُ مقاتلين آخرون من "القسام"، وواحد من ألوية الناصر صلاح الدين.
وتحدث كوخافي بعد التحقيقات عن "انتكاسات" إسرائيلية في طريقة التنفيذ والتحضيرات للعملية الفاشلة.
ويقول الخبير في الشأن الإسرائيلي د. محمود يزبك: الكل يعترف بأن العملية الإسرائيلية في خان يونس فشلت، ولم تحقق أيًّا من أهدافها، وعلى ما يبدو كان الثمن الذي دفعته (إسرائيل) غاليًا جدًّا.
ويضيف يزبك لصحيفة "فلسطين" أن هذا الفشل الإسرائيلي يوضح بشكل تام أن هناك قدرات عالية للمقاومة في قطاع غزة، إلى جانب يقظة في الشارع الفلسطيني لاحتمال وجود "المستعربين" وعمليات من هذا النوع.
ويلفت إلى أنه إذا توافرت هذه اليقظة الفلسطينية فإنه يصعب على الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ عملياته.
ويبين يزبك أن تعاضد القوة العسكرية الفلسطينية مع الوعي الجماهيري يستطيع إفشال عمليات الاحتلال، لافتا إلى أن سلطات الاحتلال تبحث عن "مخارج" للتعامل مع ذلك.
ويشير إلى أهمية عامل وعي الجمهور الفلسطيني، لأن مثل هذه العمليات تقوم على قوات من المستعربين التي تحاول إظهار أنها جزء من المجتمع.
ويؤكد أن (إسرائيل) ستفكر كثيرًا قبل شن أي عملية أخرى في قطاع غزة، منبها إلى رد فعل "الشارع الإسرائيلي" الذي كان مدويا على هذا الفشل.
غطرسة
ويقول يزبك: إن سلطات الاحتلال لم تكن تتوقع فشل العملية، مضيفا: لو كانت تتوقع أن يكون رد فعل المقاومة على هذا النحو، لما أقدمت على تنفيذ العملية.
ويتابع: القوة العسكرية التي يحظى بها جيش الاحتلال تجعله "متغطرسًا" وتدفعه للاعتقاد بأن الجانب الفلسطيني ليست لديه قدرات، لكن الفلسطينيين أثبتوا أن لديهم قدرات وهذا سيردع (إسرائيل) عن القيام "بمغامرات" مماثلة.
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية قال في ديسمبر/كانون الأول الماضي: إن لدى كتائب القسام "كنزًا أمنيًّا" سيساهم في فهم آليات عمل القوات الخاصة الإسرائيلية التي عملت في غزة وأكثر من دولة.
من جهته يقول الخبير العسكري يوسف الشرقاوي: إن الاحتلال كان يرمي من عملية خان يونس آنذاك إلى "إعادة ترميم قوة الردع"، لكنه فشل في ذلك، وهو ما يدركه الإسرائيليون.
وعقب العملية بأيام أعلن وزير جيش الاحتلال السابق أفيغدور ليبرمان استقالته، في حين استقال مؤخرا قائد العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
ويضيف الشرقاوي لصحيفة "فلسطين"، أنه "لو نجحت عملية الاحتلال حينئذ في خان يونس لشكل ذلك جسرا لاحتلال قطاع غزة"، وفق تقديره.
ويتفق الشرقاوي مع سابقه بأن (إسرائيل) ستفكر 100 مرة قبل أي عملية أخرى من هذا النوع، مبينا أنها كانت تنظر لعملية خان يونس قبل فشلها على أنها "نوعية وخاصة وكبيرة".
ويؤكد أن المقاومة نجحت في إفشال أهداف الاحتلال المتمثلة في "ردعها".
وأطلقت كتائب القسام على عمليات التصدي للوحدة الإسرائيلية اسم "حد السيف".
وتطور فصائل المقاومة في قطاع غزة قدراتها رغم الحصار المشدد المفروض على القطاع منذ 13 سنة. وتصدت المقاومة لثلاث حروب عدوانية شنها الاحتلال بين 2008 و2014 دون أن يحقق الأخير أيا من أهدافه، وفق المراقبين.