تنشغل غزة في هذه الأيام بملفين تصدّرا الأخبار المحلية: الأول ملف المصالحة، والثاني ملف التهدئة مع العدو وتنفيذ التفاهمات ومتابعة تنفيذها.
في الملف الأول، المصالحة، يمكن القول إن الوفد المصري برئاسة الوكيل بديع قد التقى قيادة حماس، وسيلتقي رئيس السلطة، والعرض المقدم للنقاش هو تسليم الوزارات في غزة لحكومة اشتية، في مقابل أمرين: الأول دعوة الرئيس للإطار القيادي للمنظمة للاجتماع، والثاني إصدار مرسوم بالانتخابات. هذا ما ذكرته وسائل الإعلام، وفي العادة هناك ما لا تعلمه وسائل الإعلام، فإن صدقت فيما علمت يمكن القول إن أملا جديدا قد يبزغ من عتمة المراوغة إن حسنت النيات، وإن طبعت العتمة القلوب بخاتم الانقسام المؤبد فإنه لا أمل، وحركة الوسيط ستذهب أدراج الرياح.
جلّ المراقبين يائسون، ويشعرون بخيبة أمل، ويكاد جميعهم ينصرف عن الاهتمام بهذه الجهود، التي تبدو في نظرهم مناورات محبطة. لا أريد أن أكون مع الأغلبية، ولكن الأمل قليل.
والملف الثاني هو التفاهمات المرتبطة بالتهدئة، ومنها خط كهرباء ١٦١، وإدخال مواد ثنائية الاستخدام، وزيادة تصاريح التجار، وبناء مستشفى للأمراض المستعصية، ومشاريع تشغيل العمال، وغير ذلك. ومن الواضح أن الجانبين المصري والقطري ينشغلان في هذه التفاهمات، ويعملان على إنجاحها، لذا تجدهما في غزة وتل أبيب بين فترة وأخرى، ولكن حكومة الاحتلال ليست متعجلة في تنفيذ هذه التفاهمات، وتحاول أن تستغلها بابتزاز الطرف الفلسطيني، وتقليص مطالبه وطموحاته، من خلال إطالة الوقت، وسياسة التقطير في الاستجابة للتفاهمات، لا سيما في هذه الفترة التي تقترب فيها الأحزاب الإسرائيلية من الانتخابات.
إن القراءة الموضوعية لهذين الملفين تقول إنهما لم يخترقا البيت الفلسطيني، ولا النفس الفلسطينية، ولم يزيلا سقف الإحباط، لا من الشباب العاطل عن العمل، ولا من المجتمع الذي يعاني الفقر والحاجة. الشعب يبحث عن جدوى هذين الملفين، ويريد أن يحس بالنتائج التي يقولها المجتمعون وتتحدث عنها القيادات والصحف، ولكنهم للأسف لما يروا، ولم يحسوا بشيء ملموس، وتصدعهم كثرة السماع لكلمات سوف، وسيصل، ولكن، وعندما، وإذا .