فلسطين أون لاين

​قلعة "عجلون".. العمارة الإسلامية "تتحصن" في الأردن

...
صورة أرشيفية
عجلون / الأناضول

على بعد 76 كم من العاصمة عمان، وفي الشمال الغربي لمركز محافظة إربد، تقع عجلون، تلك المدينة التي تزدان بأشجارها الحرجية وبطبيعتها الخلابة.

تمتاز عجلون بمناخها المعتدل صيفا؛ ما يجعلها مقصدا للزوار من داخل الأردن وخارجه، وخضرة دائمة تضفي على المدينة الأردنية جمالا ساحرا يأسر ناظريه.

أقدم القلاع

في عجلون، تقع أقدم القلاع التاريخية، التي تحمل اسم المدينة ذاتها؛ حيث تؤكد عمق تاريخها وتحاكي روعة الإبداع الإسلامي في صد التهديدات التي كانت تحدق به.

تلك القلعة التي قال فيها الشاعر: "قـلـعـة الإكبـار سـام قدرهـا * عـزَّ مـيـراث الألـى فـي دارنا".

تتربع القلعة على أحد جبال المدينة، بموقع لم يأتِ عبثاً، وإنما كان اختياره نابع من حنكة سياسية للقائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، بعد أن أوعز لعز الدين أسامة عام 1184 ببنائها.

شهدت تلك الفترة تحديات وتعقيدات سياسية مبعثها تهديدات الفرنجة آنذاك؛ ما دفع صلاح الدين بإصدار قرار بناء القلعة مقابل أخرى في فلسطين تسمى "كوكب الهوى"؛ لمراقبة تحركات الجيوش الصليبية.

الأناضول، أجرت جولة في القلعة، وتوقفت على أبرز معالمها الجمالية، التي استقطبت الزوار من مختلف دول العالم، جاءوا للاستمتاع بطريقة بنائها وتصميمها، وليسجلوا أسماءهم في شهادة التاريخ على عظم التراث الإسلامي القديم.

تقول السائحة اليابانية "يو كي" (43 عاما) وتعمل مترجمة للغة الإنجليزية في الولايات المتحدة: "هذه المرة الأولى لي في الأردن، وقد جئت لزيارة القلعة الرائعة، وسـأبقى هنا لساعات طويلة للإطلاع على كل التفاصيل المتعلقة بها".

أما سامر ضيف (18 عاماً)، سعودي الجنسية، فقد وصف القلعة في حديثه للأناضول بأنها "غاية في الجمال والروعة"، وقال: "أزورها للمرة الأولى، وتصميمها مبدع للغاية".

لماذا بنيت؟

من جهته، بين محمد الشلبي، مدير آثار محافظة عجلون، أن "الهدف من بناء القلعة كان مراقبة تحركات الجيوش الصليبية ومراقبة طرق المواصلات".

كما أشار بأنها (القلعة) "كانت محطة للحمام الزاجل؛ حيث كان ينقل البريد بين القاهرة ودمشق وبغداد في تلك الفترة".

وأوضح الشلبي، للأناضول: "تمتاز القلعة بعدد من العناصر المعمارية الإسلامية الأصيلة التي تميزها عن باقي المباني، بحيث أضفت عليها الصبغة العسكرية".

ولفت إلى أن "القلعة تحتوي على خندق جاف يحيط بها، وهو خط الدفاع الأول، ويبلغ عمقه ما بين 15-20 مترا، وبعرض ما بين 25-35 مترا".

جسر متحرك

وتابع: "هناك الجسر المتحرك، الذي يرفع في حالات الحرب، ويعاد في أوقات السلم".

تفاصيل تستحوذ على انتباه زائرها، تظهر مستوى التخطيط العسكري الذي وصل إليه المسلمون في ذلك الزمان؛ فهناك بعض المزايا الدفاعية الحربية التي قال عنها الشلبي بأنها "طلاقات السهام (مكان مخصص لرمي السهام) وسقاطات الزيت الحارق والماء المغلي".

وعن طبيعة العمران، قال الشلبي إن "القلعة بُنيت بأحجار جيرية صلبة، جُلبت من مناطق مختلفة في عجلون، وتتميز بعقودها والأقواس".

وذكر أن القلعة "تعتبر مقصدا سياحيا هاما؛ إذ بلغ عدد زوارها العام الماضي نحو ربع مليون سائح من مختلف دول العالم".

وأردف في السياق ذاته: "لعل من أبرز زوار القلعة إخواننا من تركيا، بشكل خاص؛ حيث تستويهم القلاع الإسلامية في هذه المنطقة".