فلسطين أون لاين

​"المشكو له".. بين الرغبة في المساعدة والخوف من تكالب الهموم

...
صورة تعبيرية
غزة - مريم الشوبكي

في العائلة، أو بين مجموعة الأصدقاء، ثمة شخصٌ يكون الصدر الرحب الذي نشعر براحة نفسية حينما نبث إليه شكوانا، إما طلبا للاستشارة، وإما رغبة في "الفضفضة" فقط وسماع كلمات المساندة والتخفيف من حجم الحزن والألم النفسي في داخلنا.

الشخص المشكو له والذي نجد لديه الراحة النفسية حينما نتحدث معه، هل يمكن أن نتسبب له بمشاكل نفسية نتيجة المشكلات التي تتراكم على مسامعه، وهل يمكن أن نشكّل له "عُقدًا" من بعض الأمور دون أن نقصد؟!

عقدة من الزواج

"فادية عبد السلام" من الأشخاص الذين لا يحبون سماع الشكاوى وهموم الآخرين بشكل دائم، لأن نفسيتها تتأثر وتصبح دائمة القلق والتفكير في هذه المشاكل.

وقالت لـ"فلسطين": "كثيرا ما أسمع من صديقاتي وحتى أقاربي مشاكلهم مع أزواجهم وغياب الاستقرار الزوجي في حياتهم، وهذا جعلني أتوجس كثيرا من فكرة الزواج، وتسبب لدي بعدم الثقة في أي رجل".

راحتهم تسعدني

أما "نور شمالي" فهي الأخت الصغرى في أسرتها ولكنها في مكانة المستشارة للعائلة، قالت: "حينما تواجه إخواني وأخواتي مشاكل في حياتهم، أول ما يفكرون فيه هو التحدث معي والفضفضة لي، وأكون سعيدة عند سماع شكواهم لكوني أشعر بارتياحهم بعد أن يبوحوا بما يتعبهم، وأكون أكثر سعادة حينما أساعدهم في حل مشاكلهم".

وأضافت: "في بعض الأحيان، يصيبني التوتر إذ عجزت عن مساعدتهم، ولكني في المجمل لا أنزعج من فضفضتهم لي، بل أرتاح حينما أجد الراحة في نفوسهم بعد بث همومهم".

فيما قالت فاتن أبو شمالة :" بغض النظر عن كل تجاربنا في الحياة ومشاكلنا، إذا شعرت أن كلامي مع الشخص الذي أثق فيه وحديثي عن همومي يزيد من همومه أتوقف عن الكلام حرصا على مشاعره، لأني شخصيا أتأثر كثيرا وأرفض في كثير من الأحيان بعض الأشخاص الذين أعرف أنهم يتحدثون معي عن المشاكل".

حسب الشخصية

في ذات السياق، بين الأخصائي النفسي والاجتماعي د. إياد الشوربجي أن شخصية كل إنسان تختلف عن الآخر، فبعض الأشخاص يحبون سماع شكاوى الآخرين ويجدون هذا الأمر مريحا للنفس، ويشعرون بمتعة في إيجاد الحلول.

وأوضح الشوربجي لـ"فلسطين" أنه في المقابل بعض الأشخاص يتذمرون ولا يحبون سماع شكاوى الآخرين ومشكلاتهم بسبب وجود هموم في حياتهم وعدم رغبتهم بزيادة الضغط النفسي عليهم، وهؤلاء يتأثرون سلبا بسماعهم للشكاوى أكثر من الأشخاص الذين لا يجدون مانعا في سماع مشاكل وهموم الآخرين.

ونوه الشوربجي إلى أن مخالطة أصحاب الشكاوى قد تؤثر على نمط حياة الشخص وتفاعله مع الناس، تماما كما تؤثر المهنة على الشخصية، فالأشخاص الذين يعملون في جهاز المخابرات قد يتغير نمط حياتهم ويفقدون الثقة بمن حولهم من عائلاتهم والمقربين منهم بسبب المشاكل التي تمرّ عليهم لطبيعة عملهم.

ولفت إلى أن سماع الشكاوى ممكن أن تزيد صلابة قوة الشخص المستمع وتزيد ثقته بنفسه وقدرته على حلها، ويكون لها جانب إيجابي وفائدة له، فيصبح أكثر قدرة على فهم الناس والشعور بمعاناتهم، ويمتلك خبرة ودراية أكثر من غيره، وهذا يبعث الراحة في نفس صاحب الشكوى.

ونصح الشوربجي من يتأثر بهموم ومشاكل الناس، أن ينظر لها نظرة واقعية مع تحاشي تضخيمها، وأن يعزل حياته عن حياة الناس لأن أي مشكلة يتعرض لها شخص ليس بالضرورة أن تحدث مع غيره، وعليه أن يستفيد منها إيجابيا وأن يحاول تجنبها.