في 8/7/2014 كانت حرب العصف المأكول، أو حرب الجرف الصامد في التسمية العبرية. الآن يكون قد مرَّ على الحرب خمس سنوات، ولكن الحرب لم تتوقف، وما زالت غزة ترزح تحت الحصار الخانق، وما زالت غزة تتعرض لغارات جوية عنيفة بين الفينة والأخرى، وما زالت صواريخ المقاومة والبلالين الحارقة ترد بها حماس على العدوان الإسرائيلي.
حرب 2014 م توقفت في 26/8 من نفس العام، بعد مقتل 2147 فلسطينيًّا، وجرح 10870، في حين قتل 72 إسرائيليًّا. هذه الحرب التي هدفت إسرائيليًّا إلى استعادة الردع، وهدم الأنفاق، واغتيال قادة حماس، لم تحقق أهدافها، ولم يزل الردع في تآكل مستمر، وما زالت حماس والمقاومة شوكة في حلق نتنياهو. كانت الحرب بقيادة يعالون وزير الدفاع، وبيني غيتس رئيس الأركان، وكلاهما اليوم يقود حزب أزرق أبيض، ويهددان غزة بالويل والثبور إذا ما نجحا في تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، في حين يمدُّ لهم نتنياهو لسانه هازئًا، لقد كنتم في سدة المسؤولية في حرب 2014م، وطلبتم وقف إطلاق النار، وخسرتم الحرب، وظلت حماس هي الأعلى؟!
ما أسرع أن ننسى نحن الفلسطينيين، ربما من كثرة ما أصابنا، ولكن علينا ألا ننسى هذه الحرب الطويلة القاسية، وعلينا ألا ننسى كيف صمدت قوات المقاومة، وكيف قاتلت ببسالة، وكيف صمد الشعب، وكيف احتضن المقاومة، وكيف تسلق القريب والجار على أكتاف الألم وزعموا أنهم يعملون لحياة غزة بلا حصار؟! علينا أن نكون على ذاكرة حية من تلك الأيام الطويلة، لنستمد منها صمودًا حقيقيًّا تجاه تهديدات نتنياهو الجديدة، وتجاه تهديدات بيني غانتس.
غزة دفعت ثمنًا باهظًا من المكان والمكين لصد هجمات حرب 2014م، وتعلمت منها دروسا في غاية الأهمية، وهي الآن في حال أفضل، وقوة أفضل، ولكنها قررت العمل بالتفاهمات تخفيفًا عن السكان، في بيئة عربية ودولية تعمل ضد غزة، ولكن حماس جاهزة لمقاومة عدوان أوسع من عدوان 2014م، إذا ما ارتكب العدو حماقة جديدة، أو حاول أن يختبر غزة مرة أخرى، أو حاول اللعب على التفاهمات. 2014م درس استوعبته المقاومة وأخذت منه العبرة، وهو في الذاكرة رحمة لمن قضى نحبه، وأملًا بالمغفرة لمن ينتظر.