فلسطين أون لاين

​"صفقة القرن" و"مؤتمر البحرين" يُخضعان "جوهرة القضية" لمقصلة الاحتلال

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

لا يكاد يمر يوم على مدينة القدس دون هدم الاحتلال الإسرائيلي منازل ومحال تجارية، سياسة يهدف منها لدفع المقدسيين للرحيل خارج المدينة المحتلة، حيث يمنعهم من البناء والتراخيص، ويصدر أوامر هدم، فنحو 24 ألف منزل فيها مهددة بالهدم.

هذه الهجمة الشرسة بدأت تتصاعد منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً للاحتلال، والحديث عن الخطة الأمريكية للتسوية المعروفة باسم "صفقة القرن" وما تبعه من عقد "مؤتمر البحرين" التصفوي نهاية الشهر المنصرم، التي وفرت جميعها للاحتلال ظروفًا ومناخًا سياسيًّا لاستفراده بالقدس، والانتقال من مرحلة الهدم الفردي إلى الجماعي.

وهدمت جرافات بلدية الاحتلال أخيرًا بناية قيد الإنشاء للمقدسي عمران علقم، في الحارة "التحتا" بمخيم شعفاط شمال شرق القدس، ومنشآت تجارية وأرضية إسمنتية في محل لمواد البناء في بلدة جبل المكبر؛ بزعم البناء دون ترخيص، وثبتت محاكمه أوامر هدم لـ100 شقة سكنية في منطقة صور باهر، والمئات من المنازل ينتظرها المصير ذاته.

ونشر "مركز أبحاث الأراضي" في القدس تقريرًا في آذار (مارس) 2018م، يُظهر أن الاحتلال هدم 5 آلاف منزل فلسطيني بزعم عدم الترخيص منذ عام 1967م، وهجّر الآلاف من سكان مدينة القدس، مشيرًا إلى هدم أكثر من 1700 منزل في المدينة المقدسة بين عامي 2000م و2017م، ما أدى إلى تهجير نحو 10 آلاف فلسطيني.

تفريغ وتهجير

وأكد الناشط المقدسي فخري أبو دياب أن سياسة هدم المنازل تهدف إلى تفريغ الأرض وتهجير الفلسطينيين، وطردهم من منازلهم، بسياسة فرض الأمر الواقع بعدم منحهم تراخيص؛ لدفعهم إلى البناء خارج مدينة القدس.

وقال أبو دياب لصحيفة "فلسطين": "إن الفلسطينيين يبنون لحاجتهم الماسة من أجل التوسعة لهم ولأبنائهم، لكن الاحتلال يلاحقهم بمزاعم أخطرها "البناء دون ترخيص"، ويثقلهم بالغرامات المالية الباهظة، فينذرهم بالهدم، مجبرًا الشخص على هدم بيته بيديه، أو أن تهدمه جرافاته ويدفع الفلسطيني التكلفة".

وأوضح أن نحو 24 ألف منزل مهددة بالهدم، نسبتها 31% من عدد المنازل المقدسية، ويعيش فيها نحو 120 ألف مقدسي، أي أن ثلث سكان القدس مهددون بالرحيل.

ووفقًا لإفادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، في تشرين الآخر (نوفمبر) 2018م، هدم الاحتلال 132 مبنى في القدس، وأدى ذلك إلى تشريد 33 أسرة (170 شخصًا، منهم 84 طفلًا).

ولفت أبو دياب إلى أن الاحتلال يمنع البناء والتراخيص في 90% من الأماكن داخل القدس، في المنطقة الممتدة من حي الشيخ جراح حتى جبل المكبر، منذ عام 2010م، وأن عملية الحصول على ترخيص في المناطق القليلة المسموح بالبناء فيها تستغرق عشر سنوات عبر اجتياز شروط تعجيزية يدفع خلالها المقدسي مئات الآلاف من الشواقل، وفي النهاية قد لا يسمح الاحتلال بالبناء لمن تمكّن من استيفاء تلك الشروط.

مشروع استيطاني

وعلى مدار سنوات الاحتلال، انحسرت الأراضي المتاحة للفلسطينيين في القدس من أجل البناء فيها، وارتفعت تكاليف الترخيص لتصل إلى نحو 30 ألف دولار للمسكن الواحد.

الخبير في شؤون الاستيطان جمال جمعة يعد هدم البيوت جزءًا من "التطهير العرقي" الذي يمارسه الاحتلال بحق الفلسطينيين في مدينة القدس، ومنطقة الأغوار التي يسعى لتهجير التجمعات الفلسطينية منها.

ويرى جمعة في حديثه لـ"فلسطين" أن عمليات الهدم جزء من عملية تهويد المدينة، ومرتبطة باقتحامات المستوطنين اليومية للمسجد الأقصى، التي يحاول بها الاحتلال فرض سيطرته على المسجد المبارك، عادًّا ما يجري معركة مفتوحة ساهمت خلالها "صفقة القرن" و"مؤتمر البحرين" التصفوي بوضع القدس "جوهرة القضية الفلسطينية" تحت مقصلة الاحتلال.

وأشار إلى أن الاحتلال يمارس سياسية الهدم يوميًّا، وتصاعدت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة؛ من أجل الانتهاء من مشروعه الاستيطاني؛ تمهيدًا لتحقيق الهدف السياسي بضم القدس والمنطقة (ج) التي تشكل مساحتها أكثر من 60% من مساحة الضفة إلى "سيادته" المزعومة، وهو ما يمثل أحد أهم بنود "صفقة القرن" المشؤومة المنتظرة.