هل فشل مؤتمر البحرين في تحقيق أهدافه؟! القول بالفشل يستدعي سؤال النجاح: هل نجح المؤتمر في تحقيق أهدافه؟! في ضوء السؤالين من ناحية وفي ضوء رؤية من خططوا له واجتمعوا فيه، لا يمكن الوقوف عند إجابة واحدة تشمل جميع الأطراف. ومن ثم يمكن القول بأنه نجح، والقول بأنه فشل ولم ينجح، وبيان ذلك على النحو التالي:
في نظر (أميركا وإسرائيل) فإن المؤتمر نجح في تحقيق جلّ أهدافه، ومن أهمها التقدم الجيد في عملية التطبيع العلني بين (إسرائيل) ودول الخليج، وهذا قد تحقق داخل المؤتمر وخارجه، وها هي (إسرائيل ) تفتح لها مكتبا تمثيليا في عُمان، وتجري مباحثات مع المملكة السعودية لإقامة مطار لها داخل المملكة، وها هو وزير خارجية البحرين يصف (إسرائيل ) بالجارة، ويقول إنه لا يتصور شرقا أوسطيا بدونها؟!
ونجح المؤتمر في نظرهم من حيث إن قادة النظام العربي باتوا لا يؤيدون الموقف الفلسطيني بشكل حاسم كالماضي، وأنهم على استعداد للتفاوض على فلسطين من وراء الفلسطينيين، ومن ثم فهم جاهزون لفرض الحلّ الإقليمي عليهم حين إنضاجه، وهكذا تكون (إسرائيل) قد نجحت في تحديد الصراع بأنه (عربي إسرائيل)، وأنه ليس صراعا مع الفلسطينيين.
ونجح المؤتمر بانعقاده من حيث المبدأ، ومن حيث تقديم الشق الاقتصادي على الشق السياسي، والانتقال بالمشكلة من جوهرها السياسي، إلى هامشها وما ترتب عليها وهو الاقتصاد، وفي ضوء هذا بحث المجتمعون في ثمن فلسطين، وكيف يمكن دفع المليارات، وحصص كل طرف؟!
وإذا نظرنا إلى المؤتمر من وجهة الفلسطينيين وجدناهم يقولون إن المؤتمر ولد ميتا لأن أصحاب المشكلة لا يحضرونه، ولا يوافقون عل مخرجاته، وبهذا لا يمكن القول بأن المؤتمر كان ناجحا، لأن الفلسطينيين رفضوا المال، ورفضوا الحل الاقتصادي، وأن مؤتمرا لا يحضره الفلسطينيون يعالج الصراع لن ينجح. لذا لم يصدر المؤتمر بيانا ختاميا، وأن التمثيل العربي كان منخفض المستوى.
وفي الختام سنظل فترة طويلة ونحن نتجاذب الخلاف بين نجح، ولم ينجح، وفشل ولم يفشل، والأيام القادمة هي التي تحسم الخلاف. وفي رأيي أن الأمر يرجع إلى قدرة كل طرف على استثمار نتائج المؤتمر، و هذا يكون بحسب غايات المؤتمر، إذ ليس الازدهار هو الغاية الرئيسة للمؤتمر، وهذه الغاية هي آخر ما كان يفكر به الأمريكان والإسرائيليون، بينما نرى أن الغايات العميقة منه تتحقق بقدرة (أميركا وإسرائيل) على استثمار انعقاده، واستثمار نتائجه. نعم لهم الفعل، ولنا الكلام .