يدرس الاحتلال مقترحاً لتخفيف الأزمة المالية عن السلطة الفلسطينية، بالتنازل لها عن ضريبة الوقود "البلو"، المقدرة بـ200 مليون شيقل شهرياً؛ بناءً على تحذيرات جهات أمنية تخشى من أن ضعف السلطة أمنياً قد يؤدي للتنفيس عن المقاومة، وخروج الأوضاع عن السيطرة في الضفة الغربية المحتلة، وبالتالي إلحاق عواقب وخيمة بـ"الأمن الإسرائيلي".
وذكرت إذاعة "كان" العبرية، أول من أمس، أن هذا المقترح كان مدار نقاش خلال الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي بين وزير المالية بحكومة الاحتلال موشيه كحلون، ونظيره بحكومة اشتية، شكري بشارة، ناقلةً عن مصدر فلسطيني قوله: إن الجانبين وافقا مبدئيا على هذا الطرح.
وبحسب الإذاعة فإنه إذا ما تم الاتفاق على هذا الأمر، فإنه سيؤدي إلى إبطاء وتيرة العجز في ميزانية السلطة الناجم عن أزمة ضرائب المقاصة مع الاحتلال.
ورطة إسرائيلية
وأوضح المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، أن الاحتلال أدرك تورطه بشأن الاقتطاع من ضريبة المقاصة، بناءً على سن "الكنيست" الإسرائيلي تشريعاً يلزمه بذلك، بزعم ذهاب هذه الأموال لأسر الأسرى، مشيراً إلى أن هذا التشريع سيبقى ملزماً لحكومات الاحتلال.
واعتبر أبو غوش في حديث لصحيفة "فلسطين"، دراسة حكومة الاحتلال التنازل عن ضريبة "البلو"، محاولةً للالتفاف على قرار اقتطاع ضريبة المقاصة؛ للمحافظة على بقاء السلطة وعدم انهيارها وفق التحذيرات الأمنية الإسرائيلية.
وأكد عدم وجود مصلحة للاحتلال بانهيار السلطة، بل يريد تطويعها واختزالها بتأدية مهمة أمنية، مع هدم كل طموحاتها بإمكانية أن تكون النواة لدولة فلسطينية مستقلة.
وبين أن الاحتلال يحاول مخاطبة ودغدغة المصالح الفئوية للجهات المتنفذة في السلطة بأن مصالحها في البقاء تحت إمرة الاحتلال، وهذا كله يصب في خانة العمل على إنهاء "حل الدولتين"، وأن يصبح سقف طموحات السلطة عبارة عن حكم ذاتي وخدمات بلدية.
الكاتب والمحلل السياسي راسم عبيدات يشير إلى أن النقاشات بين رئيس السلطة محمود عباس وقادة الاحتلال حول الوضع المالي للسلطة لم تنقطع، وأن ما يقوم به الاحتلال بدراسة التنازل عن ضريبة "البلو" يندرج تحت خوفه من خروج الأوضاع عن السيطرة.
وقال عبيدات لـ"فلسطين" إن الاحتلال يخشى أن تستغل الأحزاب والقوى الفلسطينية المقاومة لحالة الفراغ الأمني، وأن يؤدي ذلك إلى تصاعد الهبات الشعبية لمقاومة الاحتلال، فجاء المقترح الإسرائيلي للتنازل عن ضريبة "البلو" بعد توصية الأجهزة الأمنية، للمحافظة على التنسيق الأمني الذي يخدم الاحتلال أكثر من خدمته للشعب الفلسطيني والسلطة ذاتها.
المواجهة ترعب الاحتلال
كما أكد الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، أن بحث الاحتلال عن حلول لأزمة السلطة تنطلق من اعتبارات أمنية وليست اقتصادية، مشيراً إلى أنه يراقب وضع السلطة المالي الذي يشهد تأزماً مطرداً ويحاول حله؛ لحماية أمنه.
وأضاف عبد الكريم لـ"فلسطين" أنه ليس في مصلحة الاحتلال وصول السلطة لمرحلة لا تستطيع من خلالها الإيفاء بالتزاماتها الأمنية، الأمر الذي سيعزز فرص المواجهة معه وعدم الاستقرار، وهذا أكثر ما يرعبه، لذلك فهو يريد سلطة قادرة على أداء وظائفها للمحافظة على حالة الأمن والاستقرار.
ولفت إلى أنه لن يكون مفاجئاً إذا جرى التوصل لاتفاق وحل الأزمة المالية للسلطة بإعادة أموال المقاصة، كون "الكنيست" خول المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر "الكابينيت" بأن يطبق قرار اقتطاع أموال المقاصة وفق ما يراه مناسباً، بحجمها ومقدارها.