فلسطين أون لاين

​الزراعة في الضفة والقدس تعاني الأمرَّين بسبب الاستيطان

...
صورة أرشيفية
غزة-نابلس/ حازم الحلو:

أكد ناشطان في مجال مقاومة الاستيطان، أن قطاع الزراعة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين انحدر إلى أسوأ ظروفه بفعل إجراءات الاحتلال العدوانية والتضييقية من جهة، واعتداءات المستوطنين من الجهة الأخرى.

وذكر الناشطان أن سلوك الاحتلال تجاه المزارعين تحكمه النزعة العنصرية والعدوانية، مشيرين إلى أن نتائج هذا السلوك بدأت تظهر على الأرض؛ حيث انحسرت بشكل كبير رقعة الزراعة وتراجعت كميات المحصول تراجعًا لافتًا خلال الفترة الماضية.

وكان تقرير فلسطيني قُدِّم، الأسبوع الماضي، لسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أظهر أن مؤشرات التصحر طالت نحو 50% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، في حين تعاني 15% إضافية من بوادر تلك الظاهرة وهي في حالة تدهور فعلي.

وكشف التقرير الذي صدر عن الإدارة العامة للغابات والمراعي والحياة البرية في وزارة الزراعة برام الله، أن أحد أهم مسببات حالة تدهور الأراضي في الضفة الغربية هو الاحتلال الذي يقوم بتجريف الأراضي الزراعية، والقطع الممنهج للأشجار، حيث قُطِع أكثر من مليون شجرة مختلفة منذ عام 2000 على يد المستوطنين، أو من خلال قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تجرف مساحات شاسعة من أراضي المزارعين الفلسطينيين، وتنشئ عشرات المعسكرات والمستوطنات على أراضي الغابات بعد قطعها.

من جانبه، أكد المسؤول في الإغاثة الزراعية في محافظة نابلس خالد منصور، أن الاحتلال يبتغي من وراء التضييق على المزارعين الفلسطيني دفعهم للقنوط واليأس من إمكانية الاستمرار في نشاطهم الزراعي وبالتالي تهجيرهم من أراضيهم.

وأوضح في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن التهام المزيد من مساحات الأراضي الفلسطينية يهدف بالمقام الأول لتوسيع رقعة الاستيطان الإسرائيلي على حساب الأراضي الفلسطينية، منبهًا إلى أن هذ الفلسفة الاحتلالية ليست جديدة وإنما تولدت منذ بداية احتلال فلسطين.

وبيَّن منصور أن إنشاء جدار الفصل العنصري نجم عنه فصل أكثر من نصف أراضي الضفة الزراعية وضمها لصالح الاحتلال، لافتًا إلى أن ما تبقى يتحكم الاحتلال فيه تحكُّمًا كاملًا بحيث يمنع الفلسطيني من الدخول لأرضهم والعمل فيها بحرية.

وأشار إلى أن الاحتلال منع الفلسطينيين من إدارة موارد أراضيهم الزراعية فضلا عن إغلاق جزء كبير من تلك الأراضي وتصنيفها على أنها مناطق عسكرية، وإقامة المستوطنات وشق الطرق الالتفافية.

وذكر منصور مثالا على مصادر الأراضي الزراعية بمساحة مستوطنة "يتصهار" القريبة من نابلس، حيث تبلغ مساحة المستوطنة نحو 600 دونم، في حين أنها تسيطر على نحو 6000 دونم من الأراضي الزراعية المحيطة بها كعمق استراتيجي لها وتحت حجج أمنية لحماية المستوطنين وغيرها.

وأوضح أن الاحتلال لم يكتفِ بمصادرة الأراضي وإتلاف المحاصيل، بل تعداه إلى تقييد حركة السلع والخدمات بين المناطق الفلسطينية داخل الضفة وغزة القدس، إضافة إلى القيود المفروضة على تصديرها للخارج، ما أدى إلى ارتفاع كلفة الإنتاج والتسويق الزراعي، وانخفاض في أسعار السوق المحلية للإنتاج.

ولفت منصور إلى أن الاحتلال أغلق موارد المياه في وجه المزارعين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن نحو 85% من مصادر المياه يسيطر عليها الاحتلال كاملًا، في حين يسيطر عبر إجراءاته التعنتية والتضييقية على النسبة المتبقية من مصادر المياه.

وذكر أن الاحتلال يسهم في حصار المزارعين عبر تعقيد إجراءاته الأمنية من أجل إدخال بعض المواد اللازمة في إجراء البحوث الزراعية ووقاية النبات، إضافة إلى النقص الحاد في وجود المختبرات والمعدات والأجهزة اللازمة، وبالتالي نقص الباحثين والمدربين لتغطية المجالات الزراعية المطلوبة.

من ناحيته، أكد الناشط في مجال مقاومة الاستيطان هشام شرباتي، أن الاحتلال يسير وفق خطة منهجية واضحة لتدمير القطاع الزراعي الفلسطيني والقضاء عليه قضاء مبرمًا عبر التضييق على المزارعين وحماية ممارسات المستوطنين من سرقة وحرق للأشجار والمحاصيل.

ولفت في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إلى أن العام الماضي والحالي شهدا تصاعدًا في حالات سرقة المحصول من المزارعين الفلسطينيين، لافتا إلى أن مجموعة من المستوطنين سرقوا محصول الزيتون لأحد مزارعي نابلس بعد أن تعب المزارعون في حصده وتجميعه، إذ لم يقُم الاحتلال بأي إجراء ضد المستوطنين.

وذكر شرباتي أن الاحتلال يتحجج بالذرائع الأمنية من أجل مصادرة الأراضي الزراعية في الضفة الغربية والقدس عبر اتخاذها كأماكن للتدريب العسكري تارة، وإقامة شوارع التفافية للمستوطنين تارة أخرى.

وبيَّن أن تحكم الاحتلال بالمعابر والمنافذ في الضفة والقدس وضع المزارعين أمام وضع سيئ للغاية، إذ لا يمكنهم إدخال المواد المساعدة في الحفاظ على النبات من الأمراض، فضلا عن وضع معوقات في عملية تصدر المحاصيل وخاصة في المواسم المشهودة كموسم الزيتون والعنب واللوزيات وغيرها.

وعدَّ أن الدعم المكثف للمزارعين الإسرائيليين والمستوطنين جعل إمكانية منافسة المزارع الفلسطيني للمزارع الإسرائيلي منعدمة تقريبا، علاوة على إدخال السلع الزراعية الإسرائيلية إلى السوق الفلسطيني بأسعار أقل من المنتجات الفلسطينية.

ونبه إلى أن المستوطنين يأخذون أيضا دورهم القذر في تهجير المزارعين الفلسطينيين عبر إطلاق قطعان من الخنازير لمهاجمة أراضي المواطنين والمزارعين وإلحاق خسائر فادحة بالمزروعات والمحاصيل.

وذكر أن استخدام الخنازير في الاعتداء على المزارعين له عدة أهداف منها تخريب الأراضي كي لا يستفيد منها المزارعون ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم، والاعتداء الجسدي وإلحاق إصابات بالمزارعين، وأيضا محاولة لتخويف الناس وعدم التواصل مع أراضيهم.

ودعا شرباتي إلى ضرورة تشكيل مجموعات حكومية وشعبية لدعم ومساندة القطاع الزراعي المنكوب، لافتًا إلى أهمية ممارسة ضغط سياسي على الاحتلال من أجل كف يده عن المزارعين وتركهم يقومون بعملهم مثلما ورثوه عن آبائهم.