الأرض في قرى غلاف غزة سوداء كما يقول غانتس، ويجب في المقابل أن تكون حياة غزة أكثر سوادًا! وصف غانتس وتهديداته جاءت في أثناء زيارة تفقدية للحرائق التي اندلعت هناك، التي تقدرها المصادر الإسرائيلية بمائة حريق.
ربما تكون تهديدات غانتس دعوة إلى الحرب، وربما تكون دعوة انتخابية لحصد الأصوات المنتقدة لسياسة نتنياهو، وأيا كان الأمر فإن غانتس هو أكثر من يعلم تعقيدات المعاملة مع غزة، ويعلم أنه لا يملك حلا، ولا يملك طريقا غير الطريق الذي يسير فيه نتنياهو الآن.
نتنياهو لا يريد حربا في غزة، لأنه لا يريد إدارة غزة في اليوم التالي للحرب، ولا يريد حربا ثمنها خسائر كبيرة في قوات النخبة الإسرائيلية، دون جدوى سياسية. ولا أحسب أن هذه الحسابات غائبة عن زعيم أزرق أبيض، لأنه كان رئيسا للأركان ويعرف غزة جيدا؟!
غزة تراقب المزايدات، وتخرج لسانها للتهديدات، ويمكنها أن تملي على نتنياهو وغيره إجراءات محددة، من خلال سياسة حافة الهاوية التي تتبعها حماس من أجل الحصول على تفاهمات أفضل من أجل سكان غزة. التفاهمات تراوح مكانها، وهي تزيد وتنقص بفعل الظروف القائمة، وفي هذه المرة تبدو ناقصة بتعويق الأموال القطرية، والوقوف عند الصيد، ووقود محطة الكهرباء، ولكن حماس التي وافقت على الوساطة الأخيرة للأمم المتحدة لن تترك الموظفين والفقراء دون الأموال القطرية.
غزة تقرر. و(إسرائيل) تقرر. والسياسة القائمة منذ سنوات تقوم على فكرة شدّ الحبل، مع عدم قطعه، لأن في قطعه ضررًا منظورًا وغير منظور، ولا يكاد يتحمله الطرفان، وحين يتمكن طرف من تحمله تكون هناك حرب لا محالة.
من يراهنون على تراجع حماس وغزة في ظل تهديدات غانتس ونتنياهو واهمون، لأن غزة لن تخسر كثيرا في تفجر الصراع، وما تخسره (إسرائيل) أكبر.
الحلّ البديل لسياسة شدّ الحبل هو رفع الحصار، والقبول بتهدئة مدنية حقيقية، أو بهدنة سياسية حقيقية بشروطها الفلسطينية، وبزمنها المحدد فلسطينيا.