قائمة الموقع

​تدخلات الآباء في حياة الأبناء.. هل تتجاوز الخطوط الحُمر؟

2019-06-28T09:37:30+03:00
هذا التدخل يأتي من نابع الحب والخوف

عندما يصل الأبناء إلى مرحلة الشباب فإنهم يعدُّون أنهم ولاة على أنفسهم، ولا يقبلون تدخل أحد في حياتهم حتى لو كان من أقرب الناس إليهم وهما الوالدان، اعتقادًا منهم أن ذلك سيكون له دور في تهميش شخصيتهم ومحوها وتجاوز الخطوط الحمر، ما يتسبب في إحداث تصدعات في طبيعة العلاقة، في حين أن الأبوين يريان أن التدخل من باب الحب والخوف على أبنائهما.

صحيفة "فلسطين" استطلعت آراء بعض الآباء لمعرفة سبب تدخلهم في قرارات وحياة أبنائهم، وردات فعل الطرف الآخر ومدى تقبله لذلك.

مواقف محرجة

الشابة هالة عثمان (20 عامًا)، بينت أن والدتها ما زالت تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في حياتها، حتى فيما يتعلق بالملابس والمكياج، رغم أنها تخطت مرحلة الطفولة، وأصبحت طالبة جامعية، قائلة: "أتفهم أحيانًا أن ذلك يأتي من باب الخوف خاصة أني آخر العنقود، ودائمًا تقول لي إني مهما كبرت سأبقى في نظرها طفلة صغيرة".

وأضافت هالة لـ"فلسطين": "لكن هذا التدخل الذي يزيد على حده يسبب لي الإزعاج، ولكن لا أستطيع أن أتحدث بذلك معها، لأنها لا تتقبل وجهة نظري وتراها خاطئة، لتنتهي المناقشة معها بصراخها عليّ".

وأشارت عثمان إلى أن التدخل المستمر من أمها؛ كثيرًا ما يضعها في مواقف محرجة بين صديقاتها، فمثلًا عندما تخرج معهم للتنزه أو السوق، فإنها في أغلب الأحيان تقوم بالاتصال على هواتفهم للتأكد من أنها معهم، ما يشعرها بعدم الثقة.

أما الشاب عبد الرحمن جمعة (25 عامًا)، الذي أنهى دراسة الهندسة، فيشتكي من تدخل والديه في حياته الخاصة، وإلحاحهما في موضوع الزواج، رغم أنه في بداية حياته العملية، ويخشى أن يقف الزواج عائقًا أمام طموحاته في إكمال الدراسات العليا.

وقال: "الأمر لا يقف عند حدود ذلك، فيريدون مني الزواج من إحدى قريبات والدتي، وهو ما أعدُّه تدخلًا في حياتي الخاصة وإلغاء لشخصيتي، فأعرف أن تدخلهم قد يكون لمصلحتي لكن لا يمكن أن يكون في كل الأمور، كما أنني أصبحت على درجة أستطيع أن أختار ما يلائمني".

رفض للنصيحة

أما الوالدان فيريان تعنتًا من قبل أبنائهما في الانصياع لأوامرهما والاستفادة من تجارب آبائهم، وفي ذلك يرى أبو هيثم وهو أب لستة أبناء، أن اختيارات الأبناء في الأمور المصيرية تكون غير دقيقة ومتسرعة، وهو ما يؤدي إلى فشلهم لعدم قبولهم النصيحة.

ولفت إلى أن أغلب الأبناء في عمر الشباب يرفضون النصيحة أو أي تدخل للوالدين، ويعدُّون ذلك تدخلًا في حياتهم الخاصة وإلغاء لشخصيتهم، ولكن الوصول إلى حل وتفاهم بينه وبين أبنائه هو أمر صعب.

وأرجع أبو هيثم ذلك إلى اختلاف طبيعة التفكير، وفي أغلب الأمر يصرون على رأيهم حتى لو كان لديهم احتمال الفشل، في حين أن الآباء يحبون أن يروا أبنائهم أحسن الأبناء وفي أحسن حال.

في حين تلجأ أم وليد وهي أم لأربعة أبناء إلى أسلوب الصداقة من أجل أن تتخطى حاجز الفجوة بينها وبين أبنائها، ومن خلال ذلك تستطيع أن تورد نصائحها وقراراتها لأبنائها.

وقالت: "الوالدان أحب شيء لقلبهما أن يريا أبناءهما أحسن وأسعد الناس، وتأتي النصيحة أو توجيه القرارات من باب الخوف والحب، ولكنهم في الأغلب يعدونه تدخلًا في حياتهم".

التدخل بذكاء

وفي السياق ذاته، أوضح الاختصاصي النفسي وسام الشلفوح، أن التطور التكنولوجي خلق فجوة فكرية وعمرية بين الآباء وأبنائهم، مما يشعرهم بالعجز أمام عالم أبنائهم الواسع، ما يخلق لهم مخاوف من قرارات أبنائهم التي تختلف عن قراراتهم عندما كانوا في عمرهم.

وقال: "التدخل في حياة الأبناء وقراراتهم يحتاج إلى نوع من الذكاء، حتى لا يواجه بالرفض والتعنت، ويعدونه تدخلًا يشكل عبئًا وثقلاً على حياتهم، فينعكس سلبًا على شخصياتهم، وقدرتهم على اتخاذ قراراتهم الحياتية".

ورأى الشلفوح أن هذا التدخل يأتي من نابع الحب والخوف، ولكنه قد يتطور الأمر إلى محو شخصية الأبناء دون دراية من الآباء مما ينتج عنها شخصية هشة وضعيفة، ولا تتمكن من اتخاذ أبسط القرارات الحياتية، إلى جانب فقدان ثقتها بنفسها.

ولفت إلى أنه من حق الآباء مساعدة الأبناء في اتخاذ القرار من خلال المشورة والحوار دون أن يمحو أو يلغي شخصية الابن، وبناء الثقة بين الأب والأبن حتى يتقبل النصائح، واتخاذ القرار بالتعاون بين الابن والأب حتى يقتنع الابن بالقرار الذي تم اتخاذه ولا يتمرد عليه، وخصوصًا موضوع الزواج وعدم فرض القرار على الابن لأن نتائجه وخيمة وقد تصل للطلاق.

ونصح الشلفوح بأن يتحلى الآباء بالصبر على الأبناء، وانتهاج أسلوب الحوار، وعدم التدخل السافر في حياتهم لتكون شخصيتهم معًا وقوية على مواجهة الحياة فيما بعد.

اخبار ذات صلة