قائمة الموقع

يحول أجسادًا لـ "هياكل عظمية" .. "سوء التغذية" يهدد حياة مئات الأطفال شمالي قطاع غزَّة

2024-06-23T17:40:00+03:00
صورة تعبيرية

بجسدٍ نحيل، مُلقاة على سرير المرض داخل قسم "مبيت الأطفال" في مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة، وجهها شاحب يكتسي باللون الأصفر من شدّة الوجع والألم، لا يخرج منها إلا صوت الوجع الذي يزداد يوماً بعد آخر نتيجة سوء التغذية في محافظتي غزة وشمالها.

في الخامس من مايو/ آذار الماضي اكتشفت عائلة "لبد" أن طفلتها "ياسمين" التي تبلغ من عمرها خمسة أعوام ونصف، مُصابة بمرض سرطان الدم "اللوكيميا" حيث تظهر عليها مضاعفات المرض يوماً بعد الآخر، وجاءت أزمة "المجاعة" في شمالي القطاع لتزيد "الطين بلّة" في أوجاع الطفلة وعائلتها.


ووفق تشخيص الأطباء، فإن "ياسمين" تحتاج إلى السفر للعلاج في الخارج، لإنقاذ حياتها "قبل فوات الأوان"، لكن استمرار إغلاق معبر رفح البري جنوبي القطاع فاقم من معاناتها، حسبما تروي والدتها نريمان لبد لمراسل "فلسطين أون لاين".

وتقول "نريمان" إنه لا يوجد علاج لطفلتها ياسمين في مستشفيات قطاع غزة، لا سّيما في ظل تردي المنظومة الصحية في القطاع بفعل الإجرام الإسرائيلي بحقها، إضافة إلى أن سوء التغذية زاد من معاناة الطفلة أكثر.

ومن بين المضاعفات الصحية التي ذكرتها "نريمان"، تضخم في الكبد والطحال وانسداد في الأمعاء، كما أن "ياسمين" أصبحت غير قادرة على تناول أي طعام أو شراب، كونها "تسترجعه أولاً بأول".

وتروي أن "ياسمين" باتت تعاني من هبوط في الدم وتحتاج إلى وحدات دم يومياً، إضافة إلى حدوث نزيف في الأعضاء الداخلية، عازيةً ذلك إلى سوء التغذية الناجمة عن المجاعة التي تتفشى أكثر في شمال قطاع غزة، وفق تشخيص الأطباء.

وتحتاج إلى "ياسمين" حسبما تقول والدتها "نريمان"، إلى أكل اللحوم والخضروات والبيض وغيرها من أجل تحسين حالتها الصحية ولو بالقليل، مشيرةً إلى أن التحويلة الطبية الخاصة بها "جاهزة" وهي بانتظار فتح معبر رفح البري جنوبي القطاع.

وتناشد "نريمان" كل الجهات الحقوقية ومنظمة الصحة العالمية للنظر إلى حالة طفلتها الصحية، والعمل على الإسراع بتسهيل سفرها لتلقي العلاج في الخارج "قبل فوات الأوان".

في الغرفة المقابلة من ذات القسم، كانت سعاد القانوع تجلس إلى جانب طفلها أمجد الذي تجاوز من عمره الثلاث سنوات، وقد بدا جسده كأنه "هيكل عظمي" من شدة سوء التغذية التي يتعرض لها وتتضاعف مع مرور الأيام في ظل عدم توفر الأغذية الملائمة له.


وتقول سعاد لمراسل "فلسطين أون لاين"، إن طفلها أمجد يعاني من أزمة سوء تغذية حادة أدت إلى ظهور أمراض عدّة منها نقص في الصوديوم والبوتاسيوم، نتيجة انعدام الموارد الغذائية التي تحتوي على الفيتامينات والبروتينات وغيرها مثل الخضروات والفواكه واللحوم.

وتوضح أن أمجد أصبح وزنه لا يتجاوز الـ 5 كيلو غرام، بفعل قلة التغذية، مضيفةً "طفلي يحتاج إلى أكل صحي مثل الخضروات والفواكه واللحوم والدواجن والمياه الصحية غير الملوثة وجميعها غير متوفر إطلاقا في شمالي القطاع".


ووفق سعاد، فإن عدم تناول طفلها الأغذية الصحية، سبب له ضعف في الدم وهزلان في جميع أنحاء جسده، حتى أصبح لا يقدر على استقبال أي طعام أو شراب، "أمجد عايش على المحلول فقط خلال وجوده في المستشفى".

أما الطفلة جنى اسليم (5 شهور) لم يكن حالها أفضل من سابقيها فقد تعرضت لانتكاسة صحية ناتجة عن سوء التغذية التي خلفتها المجاعة التي تضرب محافظتي غزة والشمال في الوقت الراهن.

وتعاني "جنى" التي تمكث في المستشفى منذ 14 يوماً، من مرضٍ يُطلق عليه "حساسية سكر اللكتوز"، أي أنه يُمنع أن تتناول أي حليب يحتوي على هذا السكر أو أي موارد غذائية أخرى، كما منعها الأطباء من الرضاعة الطبيعية، وفق ما تقول والدتها "حنين اسليم".


وتحتاج "جنى" إلى حليب خاص يحمل اسم (LF) الخالي من سكر اللكتوز، وهو الآن غير متوفر بسبب الحصار والمجاعة التي تضرب شمال قطاع غزة، تضيف "حنين" لـ "فلسطين أون لاين".

وضاعف قلة وفرة هذا النوع من الحليب لـ "جنى" أوضاعها الصحية، حيث أصبحت تعاني من "اسهال مزمن واستفراغ دائم"، إضافة إلى مشكلات صحية أخرى.

ارتفاع الحالات

إلى ذلك، حذر اخصائي طب الأطفال وحديثي الولادة الطبيب تامر التوم، من ارتفاع أعداد حالات الأطفال المصابين بسوء التغذية ممن هم أقل من خمس سنوات في محافظتي غزة وشمالها نتيجة قلة الموارد الغذائية الخاصة بهم.

وقال التوم لـ "فلسطين أون لاين"، إن الارتفاع الشديد في حالات سوء التغذية ناجم عن نقص المغذيات التي تحتوي على الكربوهيدرات والبروتينات والعناصر المعدنية والفيتامينات وغيرها من التي تحافظ على نمو الطفل وصحته.

وأوضح أن سوء التغذية عاد بصورة كبيرة نتيجة الحصار وقلة المساعدات والأدوية التي تدخل إلى مناطق شمال غزة، مما يهدد بزيادة الحالات المرضية ونسبة الوفيات من الأطفال، مشيراً إلى أنه يؤدي إلى ضعف عام في الجسم والوزن

وأفاد بأن أكثر من 33 طفل توفى نتيجة سوء التغذية، فيما يتهدد الموت مئات الأطفال الآخرين لذات السبب.

وناشد التوم، العالم الحر والمؤسسات الدولية والطبية بمد يد العون والمساعدة للأطفال والأمهات بالغذاء تفادياً لارتفاع أعداد الوفيات.

وكان مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية، قال في تصريحات صحفية أمس، إنه تم رصد 250 طفلاً يعانون من مرض "سوء التغذية" في المستشفى.

وتواصل قوات الاحتلال إغلاق معبر "كرم أبو سالم" منذ بدء اجتياحها لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة في السابع من شهر مايو/ أيار الماضي، حيث تتمركز دباباتها وآلياتها العسكرية أمام المعبر، في حين أنها تواصل توغلها من المناطق الشرقية إلى الغربية في رفح.

ولا يزال العدوان الإسرائيلي الذي انطلق في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مستمراً منذ ما يزيد عن ثمانية أشهر، حيث خلّف أكثر من 37 ألف شهيد وإصابة ما يزيد عن 90 ألف آخرين، حيث ألقى بظلاله السلبية على الواقع الاقتصادي والمعيشي لسكان القطاع.

 

اخبار ذات صلة