بعد انطلاق مؤتمر البحرين واتضاح الرؤية والتوجهات الأمريكية، وتتويج مسيرة التسوية بمؤتمر البحرين الذي أرادت به الولايات المتحدة تصفية القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال، أصبح من الضرورة إعادة صياغة الموقف الوطني الفلسطيني من كل ما نتج عن اتفاقية أوسلو التي انطلقت قبل ما يزيد على ربع قرن.
المشاهد التي ظهرت في البحرين للصهاينة وتسللهم في الساحات العربية، بعد أشهر قليلة من زيارة رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، تؤكد للجميع بما لا يدع مجالًا للشك أن بيع الأوهام قد انتهى وأن أوسلو مجرد حصان طروادة استده الاحتلال للدخول للساحات العربية والإسلامية، بعد أن شرعت له أوسلو ذلك، وفتحت العواصم العربية الرسمية الساحات له، كي تتخلى عن دورها ومسؤوليتها كما تفعل البحرين اليوم ومن خلفها كل المشاركين الذين وصفهم أحد المحللين الإسرائيليين بأنهم سيأتون للبحرين صاغرين، وقد ثبت صدق قوله، عندما ذهب بعضهم مهرولًا في الساعات الأخيرة.
التاجر كوشنر المستشار الخاص لترامب شعر بعمق الأزمة أمس وظهرت بوضوح من خلال كلمته، وسط المنبوذين من الحضورين عن شعوبهم، والذين جاؤوا من دولهم التي تغلي على مشاركتهم ورفضهم لهذا الحضور المذل، ووسط مقاطعة من بعض الدول ومن الشعب البحريني نفسه إلا من بعض المتساقطين التابعين للنظام في البحرين.
مؤتمر البحرين انتهى فعليًا واتضحت نتائجه الفاشلة لأسباب كثيرة، في أولها المقاطعة الفلسطينية الشاملة، وهو القرار الذي يجب البناء عليه لاتخاذ مواقف وطنية مشابهة، وخاصة من قبل السلطة الفلسطينية، كي لا يكون رفضها شكليًا فقط وتمرير هذه المرحلة، وهنا الإشارة للتخلص من أوسلو والبدء الفعلي في دفنه، الذي لم يبقِ منه الاحتلال شيئًا إلا ما هو لصالحه، وخاصة في ثلاثة ملفات مهمة وأساسية هي التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي كما هو الحال في البحرين والتطبيع بكل أشكاله.
إغلاق البوابات الثلاث يقع على عاتق السلطة إن صدقت نواياها في ذلك، بالإعلان جهارًا نهارًا عن وقف أوسلوا مهما كانت الظروف، وبذلك تفتح الباب أمام القوى الوطنية لاستعادة دورها في الضفة الغربية ويسهم في إعادة الوحدة الوطنية التي تسبب بها التنسيق الأمني، وكذلك إنهاء ما يعرف باتفاقية باريس الاقتصادية التي كبلت الاقتصاد الفلسطيني وأعطت كل صلاحياته ومهامه للاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، والملف الثالث هو إغلاق باب التطبيع كاملًا ورفع الغطاء عنه.
حينها نكون قد تخلصنا من تبعات أوسلو وأعدنا للقضية الفلسطينية حضورها، وأن أي محاولة على غرار مؤتمر البحرين ستفشل، وأي صفقة تريد الولايات المتحدة أن تمررها سيكون محكومًا عليها بالفشل، لكن إذا استمر الوضع الحالي على ما هو عليه فسنكون كالمثل العربي "كأنك يا زيد ما غزيت"، وأضعنا فرصة الموقف الشعبي والجماهيري العربي الذي تحرك لرفض صفقة القرن، لذلك ادفنوا أوسلو يرحمكم الله.