عوامل فشل مؤتمر البحرين كثيرة ومتعددة في هذه الوقت، وهو فشل يسجّل لكل مشارك فيه، ولعله المؤتمر الأول من نوعه المحكوم عليه بالفشل مسبقًا، من خلال الطريقة والظروف والتجارب السابقة.
مؤتمر مدريد عام 1991 الذي عقد دوليًّا وتحديدًا بالولايات المتحدة وأوروبا، وهي التي تفشل في عقد المؤتمرات السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، سيكون مؤتمر البحرين امتدادًا له، حيث إنّ المبادئ التي تقام عليها تلك المؤتمرات ذاتها، وهي حماية الاحتلال الإسرائيلي، ومراعاة المصالح الإسرائيلية في المنطقة، وتعزيز حضور الاحتلال في المنطقة العربية من خلال التطبيع.
ولعل العامل المهم أن مؤتمر البحرين تغيب عنه الحقوق والمصالح الفلسطينية، بغض النظر عن الحضور وطبيعة المشاركين، عوضًا عن الطريقة التي ينظم فيها المؤتمر، ووفق جدول الأعمال الباهت التعبوي، ذلك لن ينال المشاركين فيه سوى وسمهم بالخيانة من الشعوب العربية والإسلامية والأحرار في العالم، وستثبت الولايات المتحدة فشلها في التعاطي مع المنطقة العربية، وفشل مشاريع التسوية في المنطقة، كما كان سابقاً في التعاطي مع الملف السوري والعراقي واليمني والليبي وغيره من القضايا في المنطقة العربية إلى جانب المواجهات التي تدخلها مع دول شرق آسيا الاقتصادية، والتي تظهر ضعف الولايات المتحدة في مواجهة المنافسة الاقتصادية التي تقودها نمور آسيا في وجهها وهذا بدوره ينعكس على الدور الأمريكي في المنطقة.
واليوم تخوض مواجهة متوترة مع إيران التي تتقن فن السير على الحافة، بل أن إيران تتقدم بشكل واضح نحو إحراج الولايات المتحدة وتهديد مصالحها في المنطقة، ليبدو المشهد في مؤتمر البحرين أن الولايات المتحدة التي فشلت في إدارة المواجهة مع الصين، وكذلك التوتر مع إيران على بعد كيلو مترات من عقد مؤتمر البحرين، إلى جانب التحركات الشعبية والجماهيرية الفلسطينية الرافضة للمؤتمر والمعادية لمواقف الولايات المتحدة التي دخلت في مرحلة عداء واضح لصالح الاحتلال مما يهدد المصالح الامريكية.
بكل ذلك، فإن من فكّر ودبّر وخطّط لعقد الورشة الاقتصادية لإطلاق ما يقال إنها صفقة القرن قد أخطا المكان والتوقيت والموضوع والشكل والطريقة، معتقدًا أن الفلسطينيين يقادون من بطونهم، وهنا لم يقرأ التاريخ جيدًا ولم يراجع المبادرات والمؤتمرات التي عقدتها الولايات المتحدة وغيرها في هذا الشأن وفشلت فشلًا ذريعًا في ذلك، لكن مؤتمر البحرين سيتوج هذا الفشل في الظروف التي تحدثنا عنها.
من الواضح أن الولايات المتحدة أخطأت الخطوة وتهورت نحو جر المنطقة لمزيد من التوتر وانقادت لحماسة مصالح الاحتلال دون دراسة دقيقة ومتأنية للظروف الإقليمية، وما يطرَح على الفلسطينيين، ومشاركة البعض العربي لا تمثل شيئًا ولا يكون له تأثير، ليبدو أن الحضور العربي مجرد ديكور وتَبَع للولايات المتحدة، مما يقود نحو الفشل الحتمي للمؤتمر، وبالتالي فشل صفقة القرن.