إيران تسقط طائرة تجسس أميركية. الحدث كان يوم الخميس أول أمس. وسائل الإعلام تحدثت عن هجوم أميركي محتمل على مواقع إيرانية. وسائل الإعلام نفسها نقلت خبرًا أن الرئيس ترامب أوقف الهجوم قبل عشر دقائق من انطلاقه؟!. خلاصة الأمر الطائرة سقطت، والهجوم الأميركي لم يقع، وانتهت الجولة بنصر معنوي جيد لإيران، وبهزيمة معنوية لترامب.
الإعلام العبري رأى في قرارات ترامب الخوف والتردد الذي يراه في قرارات نتنياهو، لذا تحرض الصحف العبرية الجمهور بقولها إنه لا يمكن الاعتماد على ترامب في مواجهة إيران؟! الإعلام العبري إذًا يريد إشعال الحرب مع إيران، ولا يريد أن تمرّ عملية إسقاط الطائرة الأميركية دون عقاب خشية أن تتمادى إيران في التحدي، وأن تستخدم صواريخها ضد (إسرائيل).
الإعلام العبري يرى أن ثمة فرصة جيدة (لإسرائيل) لإشعال حرب في منطقة الخليج تكون أميركا طرفا رئيسا فيها، وهو أمر يتيح لها فرص جيدة للتدخل في ظل الحماية الأميركية، ومن ثمة تفكيك إيران، وضرب صناعاتها العسكرية، وتقديم نفسها لدول الخليج كدولة صديقة وحامية حمى الخليج العربي وأنظمته؟!
يبدو أن ترامب تراجع في وقت متأخر عن اعتماده لسياسة الضرب الإسرائيلية. ويبدو أن هذا التراجع جاء بناء على توجيهات قادة الجيش الأميركي. الجيش يفضل حصار إيران، ويقدم الحصار على الحرب. (وإسرائيل) تفضل الحرب على الحصار، ولكن الحرب على إيران قد تكون سببا في سقوط ترامب في الانتخابات القادمة، لأن جل الشعب الأميركي لا يرى له مصلحة حقيقية في هذه الحرب.
إيران قدمت في إسقاطها الطائرة رسالتين: الأولى لشعب إيران، تقول له فيها إن القيادة الإيرانية لا تخاف أميركا، ولن تدخر وسعا للدفاع عن الأجواء الإيرانية، وإن الجيش جاهز للقتال، وبهذا ترتفع ثقة الشعب في نفسه وفي قيادته. والثانية مرسلة لأميركا ولدول الخليج تقول فيها إن إيران ليست لقمة سهلة، وإن من يعتدي على إيران لا بد أن يدفع الثمن، وإن حشد أميركا لسفنها وطائراتها وجنودها في الخليج لن يخيف إيران، وإن إيران جاهزة للمواجهة إذا ما فرضت أميركا القتال.
مبدئيا يمكن القول بأن إيران نجحت في تحقيق مكاسب جيدة على ترامب، وإن إسقاط هذه الطائرة قد يسهم في منع أو تأجيل حرب طالما هددت بها إدارة ترامب. إيران جاهزة للقتال يعني أن الحرب مؤجلة لإشعار آخر؟!