ليبرمان يزعم أن نتنياهو يساعد حماس على البقاء في حكم غزة؟! ونتنياهو يرى أن مصلحة إسرائيل في إدخال الأموال القطرية. إذًا نحن أمام سياستين: الأولى يمثلها ليبرمان واليمين المتطرف وهؤلاء يريدون خنق غزة حتى الموت ومن ثمة لا يجب إدخال الأموال القطرية لغزة. وهنا نسأل هل هذه السياسة أضر بغزة وبحماس من سياسة نتنياهو؟!
الجواب يتعلق بمعرفتنا بسياسة نتنياهو. الرجل يميني صهيوني متمرس ويعمل لمصلحة إسرائيل بلا منازع، وهو يرى ما لا يراه ليبرمان. هو يرى أن إدخال خمسة عشر مليون دولار شهريا لغزة لا تكفي لبعث حياة طبيعية فيها، ولكنها تستبقي غزة في منطقة بين الحياة والموت، وهذا أنكى بحماس وبغزة معا، ويجعل غزة متعلقة بقرار تل ابيب. ويضعف توجهات غزة نحو المقاومة والصواريخ لأنها تخشى من عدم تدفق هذه الأموال.
إذا نحن أمام سياستين الأولى تدفع غزة نحو المغامرة في المقاومة حين تجد أنها تموت، وأنها لا تملك ما تخسره، وهذه السياسة تقوم على الأبيض والأسود، ومن ثمة فهي تخالف مفهوم الحرب الناعمة والممتدة. ومن هنا يمكن القول إن ليبرمان لا يفقه السياسة، وأنه يمثل فرعون أو النمرود، وهؤلاء لهم أعمار قصيرة.
أما سياسة نتنياهو فهي لا تقوم على الأسود والأبيض وتجري في طريق ثالث (رمادي معتم) ويعتمد فيه طول العمر والزمن الممتد، واستمرار الحصار. لذا فإن سياسة نتنياهو أنكى لغزة ولحماس. وهي وجع دائم يجعل حماس والمقاومة في حيرة دائمة شهريا، ومن هنا تجد موظفي غزة في حيرة شهرية لا يملكون لهم تغييرا، رغم إنهم بين حياة وموت مع كل شهر.
إن ليبرمان في نظري أنفع لغزة من نتنياهو رغم أنه مجرم ضيق الأفق، لأنه سيضع المقاومة في طريق لا خيار لها فيه غير القتال، وهذا الطريق هو ما يفتح باب البدائل. وصدق من قال الخيل معقود بنواصيها الخير .
أين راحة المرء أفي القتل البطيء، أم في الإعدام؟! إن الأحرار يفضلون الشهادة على الموت البطيء. لذا فإن نتنياهو أخطر في سياسته من ليبرمان الثور الغاضب. وكلاهما شرٌ وابتلاء.