بشتى الوسائل والطرق تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلية تفريغ مدينة القدس المحتلة من سكانها الأصليين، تنفيذًا لمخططات بلديتها الرامية للقضاء على الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة.
آخر تلك المحاولات قرار محكمة الاحتلال العليا القاضي بهدم 16 منشأة سكنية في واد الحمص ببلدة صور باهر جنوب المسجد الأقصى، بذريعة قربها من جدار الفصل العنصري وإعاقة عمل جنود الاحتلال.
وبينما اعتصم أهالي البلدة داخل خيمة في واد الحمص احتجاجا على قرار الاحتلال هدم البنايات وما يتبع ذلك من طرد وتهجير للسكان اقتحمت قوات الاحتلال خيمة الاعتصام وطالبت المعتصمين بتفكيكها، مساء أول من أمس.
وزير شؤون القدس فادي الهدمي، أكد ضرورة الوجود الفلسطيني في مدينة المدينة ومواصلة الجهود الفلسطينية الشعبية والرسمية من أجل الدفاع عن المدينة وسكانها، مستنكرًا قرار المحكمة الإسرائيلية.
وقال الهدمي لصحيفة "فلسطين": "سنواصل الدفاع عن مدينة القدس، وعن وجودنا فيها، وسنثبت بأرضنا، وأهالي القدس أثبتوا ذلك خلال انتصاراتهم بمعركتي البوابات الإلكترونية وباب الرحمة وسنهزم القرارات العسكرية العنصرية".
وأضاف: "ستبذل الوزارة جل اهتمامها من أجل محاكاة همّ الأهالي، ومساعدتهم من خلال البُعدين القانوني والدولي، حيث أجرينا اتصالات مع المجتمع الدولي وجميع القنصليات المختلفة للوقوف عند مسؤولياتهم من أجل حماية الشعب الفلسطيني من سياسة الابرتهايد والتهجير القسري".
وأشار إلى أنه زار بلدة صور باهر وأحياءها واجتمع مع المجلس المحلي وأهالي البيوت المهددة بالهدم واستمع إلى معاناتهم.
بدوره أفاد رئيس لجنة الدفاع عن واد الحمص، حمادة حمادة، بأن قرارات الاحتلال تشمل هدم بيوت في مناطق محاذية للجدار الفاصل، التي تقع خارج حدود بلدية القدس، حيث إنها محاصرة من الجدار.
وقال حمادة لصحيفة "فلسطين": "هذه الأراضي تابعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، والسكان الذين شيّدوا بيوتهم هنا هم أصحاب الأرض، ورثوها أبًا عن جد، واستصدروا فيها رخص بناء من وزارة الحكم المحلي كونها هي الجهة المسؤولة عن ذلك".
وتابع: "تفاجأ السكان بعد بناء منازلهم والسكن فيها، بأن الحاكم العسكري في "بيت ايل" أصدر قرارًا بمنع البناء في حرم الجدار بمساحة 250 مترًا مربعًا".
ولفت الانتباه إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بهذا القرار المجحف، حيث سلّم قرارات بوقف بناء لأكثر من 20 منشأة أخرى جديدة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.
ولم تقتصر حملات الهدم المنظمة التي تنفذها سلطات الاحتلال على صور باهر، حيث أخطرت بلدية الاحتلال في القدس في 15 مايو/أيار الماضي، بهدم مبنى اللجنة الشعبية في مخيمشعفاط للاجئين، الأمر الذي ينذر بوجود خطة منظمة للقضاء على الوجود الفلسطيني في القدس.
ومنذ بداية العام هدم الاحتلال حوالي 100 منشأة سكنية، ويهدد بهدم أكثر من 25 ألف منشأة أخرى.
محاولات قانونية
وفي المقابل يسعى محامون مقدسيون للوقوف في وجه الاحتلال وإبطال قرارات الهدم من خلال اتباع الجهود القانونية، حيث كشف المحامي المقدسي، مدحت ديبة، عن جهود المحامين المقدسيين لمحاولة منع تنفيذ قرارات الهدم.
وقال ديبة لصحيفة "فلسطين": "تقدمنا بطلبات لمحكمة شؤون البلدية من أجل منع تنفيذ قرارات الهدم".
وأكد أن السبب الرئيس لهذه القرارات سياسي بحت، خاصةً بعد قرار الولايات المتحدة نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة على اعتبار أنها عاصمة مزعومة للكيان، وليس تنفيذًا للقانون كما يدعي الاحتلال.
وتابع: "لا يعقل أن يُقدِم الاحتلال على هدم منشأة لأنها تمتلك ترخيص بناء، وفي الوقت ذاته لا يسمح للفلسطينيين بإصدار تراخيص بناء، حيث لا يوجد مخطط تفصيلي للترخيص".
ونبّه إلى أن هذه المخططات والقرارات تصب في خانة واحدة وهي التهجير القسري وتفريغ القدس من سكانها أو ما يطلق عليه "الترانسفير الهادئ"، وفق تعبيره.