إن
"كل شخص يشارك أو يوقع أو يقبل صفقة القرن هو خائن، وهذا ينطبق على
الفلسطينيين والعرب، رسميين وغير رسميين". هذا ما قاله عزام الأحمد في حوار
مع صحيف الأخبار اللبنانية.
من المعلوم أن ورشة المنامة في البحرين تمهد لصفقة القرن، وأنها تمثل الشق الاقتصادي من الصفقة، وأن دولا عربية كدول الخليج والسعودية ومصر والأردن والمغرب ستحضر هذه الورشة، وأن رجال أعمال فلسطينيين كأشرف الجعبري ممن ربطوا تجارتهم (بإسرائيل) سيحضرون هذه الورشة، وعلى حسب كلام عزام الأحمد فإن كل هؤلاء خونة.
وهذا وصف ربما كانوا يستحقونه لأنهم يشاركون في عملية بيع لفلسطين بدراهم معدودة، وليس لفلسطين عند الأحرار ثمن يعدّ؟!
تصريح الأحمد هذا يحكي أن تعليمات رئاسية قاسية وحادة أوحى بها الرئيس للأحمد لكي ينفثها في الإعلام من الساحة اللبنانية التي يقوم بزيارتها، وأن رئيس السلطة لم يعد يبالي بالأزمة التي يمكن أن تولد بينه وبين دول الخليج والسعودية.
إن كانت هذه التصريحات القوية تمثل سياسة جديدة حقيقية في المنطقة فمعنى هذا أن الأزمة ستكون شديدة، وإن كانت من المشترك بين الطرفين من تحت الطاولة فإنه لا أزمة قادمة، وإنما مناورة بين طرفين في مواجهة طرف ثالث، وهذا لا تدلنا عليه غير الوقائع القادمة التي تتلو مؤتمر البحرين.
إن حضور أنظمة عربية لا يعنينا كثيرا، ولكن حضور فلسطينيين مرتبطين (بإسرائيل) هو ما يعنينا، إذ كيف لهؤلاء أن يخالفوا السلطة؟! وكيف لهم أن يخالفوا الإجماع الفلسطيني على رفض المنامة؟! إن هذه المخالفة هي ما تحتاج لعلاج قبل وقوعها، فلطالما هدمت القضية الفلسطينية من داخلها، كعادة قصور الحكام عند انهيارها.
ماذا يفيد فلسطين حضور تاجر مؤتمرا يريد بيع فلسطين بمال مجموع من دول عربية وأمريكية تحت مسمى (الازدهار مقابل السلام)، والقادم في توقعاتنا لا يحمل سلاما ولا ازدهارا، لأن إسرائيل لا تريد للفلسطينيين وطنا ودولة، والعرب لم يطلبوا للفلسطينيين دولة ووطنا بعد النكبة وحتى بزوغ مناورة حلّ الدولتين؟!
ما زلت لا أثق كثيرا في تصريحات السلطة، والصراخ القوي العنيف يخيفني، ويكفيني بديلا عنه موقف هادئ قوي يلتزم بالمطالب الجوهرية للشعب الفلسطيني، دون الدخول في معارك مستحقة مع أطراف خليجية وعربية، ففي النهاية معركتنا مع (إسرائيل، وأمريكا)، وليست مع الخليج.