حين نتتبع قصة بني إسرائيل في الكتاب، وهي ربما كانت أطول القصص فيه، وهي موزعة في سبعين موضعا منه، نكتشف أننا أمام أمة مريضة، ومعقدة. والمرض هنا ليس بدنيا، بل هو مرض نفسي، لا يكاد يقدر الأطباء على علاجه، وقد حاول النبيون علاجه فلم تتقبل الشخصية المريضة العلاج، وليتها توقفت عند رفض العلاج، بل تجاوزته فقتلت المعالجين، وتوارث الأحفاد مرض الأجداد، حتى كانت دولة الاحتلال مجمعا لكل مرض ومريض، ولكل انحراف نفسي خطير.
إذا كان سلفهم قد جادل موسى عليه السلام في أمر البقرة وصفتها ولونها، فهم الآن يجادلون الفلسطينيين في مفهوم التهدئة وشروطها وآليات تنفيذها؟! اليهود هم اليهود، سواء أكانوا منتصرين، أم مهزومين، وسواء أكانوا في أوسلو، أم في المنامة، وسواء أكانت لهم حكومة مستقرة، أم كانوا في انتخابات سبتمبر القادم. لا أحد في العالم يمكنه أخذ شيء من الإسرائيليين بالمؤتمرات، ولكن يمكن أخذ كل شيء منهم بقوة الحق، وقوة الساعد.
إن شرّ حفرة وقع فيها النظام العربي، ومعه منظمة التحرير التي هي أقل من نظام، هي مغادرة قوة الحق، وقوة الساعد، ومعالجة مطالبهم الوطنية مع الإسرائيليين في المؤتمرات، تحت رعاية أميركية، وكأن للشياه مرعى آمنا مع الذئب؟! ومن ثمة أخرجت المؤتمرات هذه مواليد مشوهين، لا نماء لهم ولا قوة، ومع ذلك زعموا أن مؤتمر المنامة للازدهار والسلام، وهو قائم على الرعاية الأميركية التي رعت أوسلو وطابا وواي ريفر، وحل الدولتين؟!
الذئب إن رعى الشياه أكلها، واحدة تلو الأخرى مع كل جوعة له، وتكاد (إسرائيل) تأكل القيادات العربية واحدة بعد الأخرى مع كل مؤتمر، والمنامة حفلة طعام ليس إلا، وحين يرفض الفلسطينيون حفلة الطعام في المنامة، فهم ينقذون أنفسهم من أنياب الذئب وسيده، ولكن خطر الذئب يلاحقهم لأن الشياه المستسلمة لا تريد أن تتعظ بما لحق بمنظمة التحرير في أوسلو وبناتها. هم يحسبون أن لديهم حصانة من الذئب، في حين الذئب يسري في عروقهم جري اللوكيميا في دماء مريض السرطان؟! اعتبروا قبل المنامة وبعدها، ولنا معكم جردة حساب في قادم الأيام، لنقف على ما أصاب الشياه في ليل الذئب؟!