"تسونامي" ضرب القدس ومنطقة باب الخليل بعد قرار ما يسمى بالمحكمة العليا الصهيونية، باعتبار فندقي البتراء وامبريال وبيت المعظمية من أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية في البلدة القديمة من القدس، صفقة ما عرف بباب الخليل، هي حق للمستوطنين وبالتحديد جمعية "عطروت كوهنيم" الاستيطانية، وهذا القرار جاء بعد 14 عاماً من المداولات في المحاكم الصهيونية، وقال البعض في الكنيسة ومن وظفوا أنفسهم أبواقاً لهم من لجنة عليا رئاسية لشؤون المقدسات المسيحية وغيرهم، بأنه لم يجر بيع او تسريب تلك العقارات، ولتكشف المحكمة العليا الصهيونية بغض عن النظر عن موقفنا من المحاكم الصهيونية، والتي ندرك تماماً بأنها موظفة لخدمة المستوى السياسي والأمني الصهيوني والجمعيات الاستيطانية، ومن غير المنطقي أن لا تحكم لصالح المستوطنين، بأنه جرت عمليات بيع وتسريب لأملاك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس وغير القدس.
صحيح بأن الصفقة عقدت في عهد البطريرك المتصهين إيرينيوس، ففي شهر 8/2004وقّع المحامي إيتان جيفع كموّكل من الشركات التي اشترت لصالح المستوطنين وباباذيموس الموكل من البطريركية ثلاث اتفاقيات حكر لمدة 99 عاما مع ايجاز تمديدها لمدة 99 سنة اضافية مع الاخذ بعين الاعتبار ان البطريركية لم تكن المتصرفة الرئيسة بهذه العقارات بل كانت بإيجارة محمية لجهات ثالثة.
بعد نشر تقارير عن الصفقة في جريدة معاريف في شهري آذار ونيسان 2005 . ثارت زوبعة بالبطريركية التي أدت الى ان يقرر السينودس بتاريخ 6_5_2005 بإقالة البطريرك ارينيوس. وبتاريخ 22_8_2005 انتخبت ثيوفيلوس لوظيفة البطريرك.
كان واضحاً بان اطرافاً نافذة داخل الكنيسة وخارجها متورطة في عملية البيع، ومن بعد تولي البطريرك ثيوفوليوس رئاسة البطريركية، تعهد بان يجري العمل على إبطال الصفقة وبانه ليس جزء منها، وجرى الحديث عن الفساد والرشوات في عقد تلك الصفقة، وبأنه يمكن ان يتم إبطال الصفقة وعدم تسريب او بيع تلك العقارات ذات الموقع الإستراتيجي، ولكن من مداولات المحكمة يتضح عدم دقة ما تم طرحه او الادعاء به، وقول احد محامي الكنيسة المحامي اسعد مزاوي بانه يمكن إبطال الصفقة لوجود ادلة ومعلومات ترد الى الكنيسة حول الغش والفساد والرشوات في إتمام الصفقة اخفتها الجمعيات الاستيطانية والشركات المسجلة العقارات باسمها، أعتقد بانه فقط يأتي من باب التنفيس وتخفيف حالة الاحتقان وإشاعة الأمل الكاذب في الشارع الفلسطيني، فبعد 14 عاماً من المداولات في المحاكم، أين كانت تلك الأدلة والمعلومات؟ ومن تعمد اخفاءها بشكل واضح بالأسماء الصريحة، فهذه املاك عربية في قلب مدينة القدس، وثمة أسئلة جوهرية تطرح، لماذا تخلى محامو الكنيسة عن الطعن في القرار لوجود شبهة الرشوة والفساد في أساس الصفقة، وكذلك لماذا تخلوا عن الادعاء بعدم امتلاكهم صلاحية التوقيع على الصفقة، ولم يعرضوا على المحكمة بأن الشركة التي اشترت العقار دفعت 9 أضعاف الثمن المشترى به.
وهناك الكثير من التفاصيل التي تؤكد تورط اطراف نافذة داخل الكنيسة وخارجها في عمليات بيع املاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية، فعملية الاعتراض التي جرت على بيع وتأجير أملاك الكنيسة لمدد طويلة جداً، فقط جرت بحق ما عرف بصفقة باب الخليل، بعد الضجة الإعلامية الكبيرة والاحتجاجات الشعبية والمؤتمر الوطني الذي عقد في بيت لحم تشرين اول /2017،لحماية أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية، وكان من مخرجاته التأكيد على اعتبار الملف الأرثوذكسي وأوقافه وابناء هذا الشعب العربي الأرثوذكسي ملفاً وطنياً فلسطينياً وأردنيا بامتياز ولا ينحصر في الحدود السياسية، حيث اكد المؤتمرون على اعتبار هذا الملف من الملفات الإستراتيجية لمنظمة التحرير الفلسطينية وفصائل العمل الوطني كملف القدس، والعودة واللاجئين والأسرى، ووضع هذا الملف على سلم أولوياتها. كما أكد المؤتمرون أن الدفاع عن الوقف العربي الأرثوذكسي من النهر الى البحر حق مقدس ولا يندرج تحت أي تفاهمات سياسية.
ومن مداولات المحكمة يتضح بأن الاعتراض على بيع أملاك الكنيسة العربية الأرثوذكسية فقط على عقارات باب الخليل، وبهذا تؤكد الكنيسة على صحة عمليات البيع بحق دير مار يوحنا وأرض سلوان.
والكنيسة المعترضة على عمليات البيع لماذا قامت بإدخال الأموال المقبوضة الى خزينة البطريركية كثمن لتلك العقارات ولم تقم بإرجاعها..؟؟
هذه الصفقة اخطر من أي صفقة سابقة، فهي تقع على مدخل المدينة والبلدة القديمة، وبما يجعل المحتل يتحكم فيها، وفي الطرق المؤدية الى جامع عمر ومدخل كنيسة القيامة والمسجد الأقصى وخاصة بيت المعظمية، والذي يستهدف الاحتلال منطقة باب حطة من خلاله، وكذلك هذه العملية تسهم في عمليات الطرد والتهجير القسري بحق أبناء شعبنا العربي المسيحي في المدينة المتناقصة أعداده أصلاً، ناهيك عن الإسهام في تهويد البلدة القديمة المستهدفة بالتهويد من قبل دولة الاحتلال.
القضية يعرفها الطفل قبل الشاب والكهل الفلسطيني، هناك بعض البطاركة والموظفين في البطريركية الأرثوذكسية قاموا ببيع وتسريب تلك العقارات وتأجيرها لمدد لا تقل عن 99 عاماً لجمعيات استيطانية وشركات وهمية خلف البحار، ولكن الأخطر من تجندوا من المرتزقة والمنتفعين وتجار الوطن للدفاع عنهم، ولذلك وجب على المقدسيين بمختلف مكوناتهم التوجه للنائب العام ودعوته لفتح تحقيق مع هؤلاء، وليس فقط في إطار المساءلة والمحاسبة، بل المحاكمة، فهؤلاء اخطر من الذين باعوا لأنهم اعتمدوا التضليل والخداع خدمة لأجندات ومصالح خاصة، عقارات قيمتها أكثر من 200 مليون دولار تباع ب 2 مليون دولار..؟؟؟
بعد عملية بيع وتسريب عقار أديب جوده في البلدة القديمة، بعد الضجة الكبيرة والملابسات التي أحاطت بتسريب هذا العقار، والاتهامات التي طالت السلطة بأن تقاعسها وعدم قيامها بالدور المنوط بها، وعدم اتخاذها أي إجراءات عقابية بحق المسربين والبائعين، هو من شجع مثل هؤلاء من المنتفعين والمرتزقة والمجردين من قيمهم الوطنية والأخلاقية والدينية على الاستمرار في عمليات بيع وتسريب الأراضي والعقارات المقدسية، ومن اجل تنفيس الحالة المقدسية وامتصاص نقمتها وغضبها أعلن رئيس الوزراء السابق رامي الحمد الله عن تشكيل لجنة تحقيق لذلك، ولكن نتائجها رحلت مع رحيل الحمد الله، وهي لن ترى النور أبداً، ومصير عقارات الكنيسة العربية الأرثوذكسية المباعة والمسربة، سيكون نفس مصير لجنة بيت أديب جودة، لجنة تحقيق، وأخشى ان يكون من ضمنها من لهم علاقة بالبيع والتسريب.