في الرابعة فجرًا من ثالث أيام عيد الفطر، كان أخصائي تصوير الأشعة في مستشفى الخليل الحكومي صلاح أبو ماريه يقدم الخدمة الطبية المنوطة به لأحد المرضى، وإذا بمرافق مريض آخر قاطعه بشكل همجي وقال: "بدي صورة أشعة لبنتي بسرعة".
رد أبو ماريه بكل هدوء: "حاضر، سأنتهي من المريضة التي بين يدي، وأتابع مع ابنتك فورًا"، هذا الرد لم يعجب المرافق الذي أصر على أن يترك أخصائي الأشعة المريضة التي تخضع للتصوير، ويباشر العمل مع ابنته، ثم بدأت بينهما مشادة كلامية.
غاب مرافق المريضة قليلًا، ثم عاد مع بضعة أشخاص من أقاربه واعتدى على أبو ماريه بشكل وحشي في أثناء تقديمه الخدمة للمريضة، فقد على إثرها الوعي من هول الموقف.
المتحدث باسم نقابة فنيي الأشعة والتصوير الطبي، رأفت عبد الهادي، يروي تفاصيل الحادثة، مستنكرًا ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأن يكون قد بدرت أي ملاسنة أو سوء تعامل من الموظف تجاه مرافق المريض.
وأكد عبد الهادي في حديثه لـ"فلسطين" أن الاعتداء سافر على الحق العام وليس على الحق الخاص فقط، فقد هدد حياة الموظف وكذلك حياة المريض الموجود في المستشفى.
"من أمن العقاب أساء الأدب"
وقال: "الموضوع أكبر من اعتداء، خاصةً أن الموظف الذي تعرض للضرب حالته صعبة ويعاني مشكلات الرؤية حتى اللحظة، عدا عن أن أهله يريدون مقاضاة الجناة عشائريًا"، لافتًا إلى أن القضية تحولت لظاهرة زادت على حدها في مستشفيات الضفة الغربية، حيث يُسمع في كل يوم اعتداء على أحد الكوادر العاملة في المجال الصحي هناك، وفق تعبيره.
وأكد عبد الهادي ضرورة تنظيم وقفة جادة لوضع الحلول العملية واتخاذ إجراءات جذرية في هذه القضية.
ولفت إلى أن هذه الإجراءات يجب أن تتشارك فيها وزارة الصحة مع الأجهزة الأمنية، وممثلين عن الشعب.
وشدد على وجوب إيجاد حلول رادعة لأي اعتداء قادم، عملًا بالمثل "من أمن العقاب أساء الأدب"، كما أن الحق العام لا يمكن التنازل عنه ومن يعتدي عليه يجب أن يأخذ عقابه.
ويرى عبد الهادي ضرورة سن قانون بخصوص هذه القضية من قبل السلطة الفلسطينية، كما يجب تحديد عدد المرافقين مع المريض، كون أغلب المشكلات التي تحدث يكون سببها المرافق، كما قال.
خطوات احتجاجية
بدوره، أكد الاتحاد العام للنقابات العاملة في القطاع الصحي أنه سيبقى الدرع الحامية لكوادره كافة، وسيبذل طاقاته للقضاء على ظاهرة الاعتداءات ولو كلفه الأمر إخلاء المستشفيات من كوادره بشكل كامل.
وطالب الاتحاد في بيان له وصلت "فلسطين" نسخة عنه، بسن قانون رادع لكل من يعتدي على الكوادر الصحية.
واستنكر الاتحاد "العمل المشين الخارج عن عاداتنا وتقاليد شعبنا"، لافتًا إلى أن "انتشار هذه الظاهرة أخذ منحنى خطيرًا، وأصبح يهدد إمكانية تقديم الخدمات الصحية بأكملها وسيكون له عواقب وخيمة في حال لم يتم اتخاذ الإجراءات الصارمة والرادعة وإنزال أقصى العقوبات بحق كل من يرتكب مثل هذه الأعمال".
ونظمت النقابات الصحية وقفة احتجاجية أمس الأول، في جميع مرافق وزارة الصحة والقطاع الخاص لجميع الموظفين، إضافة لتعليق الدوام بشكل كامل في أقسام الأشعة أيام الأحد والاثنين والثلاثاء من (8 ص–3م).
وأشارت إلى أن الإجراءات ستتصاعد تدريجيًّا حتى يتم اعتقال المعتدين وتقديمهم للعدالة، منبهةً إلى عقد اجتماع مركزي قريب جدًّا من أجل توحيد الجهود لتأمين حماية الكوادر الطبية وتجريم المعتدين.
وحمَّل النقابات وزارة الصحة مسؤولية توفير البنية الآمنة اللازمة من أجل حماية الأفراد والمؤسسات، مستنكرةً عدم قيام الأجهزة الأمنية -حتى اللحظة- باعتقال المعتدين وتقديمهم للعدالة.