فلسطين أون لاين

​"الأشقر" ضحية التطرف الأمريكي

أقلعت الطائرة الأمريكية متجهة إلى مطار "بن غوريون" وعلى متنها البروفيسور عبدالحليم الأشقر الذى اختطفته عناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بى آى) لتسليمه إلى الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، وذلك بعد انتهاء مدة محكوميته في السجون الأمريكية، والتي بلغت 11 سنة.

السلطات الأمريكية اعتقلت العالم الأشقر عدة مرات بتهمة مساعدة وتمويل حركة حماس، إضافة إلى رفضه الإدلاء باعترافات أو الشهادة ضد زملائه من الناشطين الفلسطينيين، لم تكتف بمدة الاعتقال المذكورة حيث عمدت إلى إبقائه رهن الإقامة الجبرية داخل منزله، ليبقى يعيش في سجن آخر يخضع للمراقبة والمتابعة الدقيقة، دون مراعاة لظروفه وحياته الخاصة، وفى تجاهل واضح لحقوقه المشروعة.

ويأتي هذا الاختطاف والنقل قسرا إلى كيان الاحتلال ضمن التعاون الاستخباري المشترك بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي. فالفلسطيني لا زال يلاحق في كل بقعة في هذا العالم ما دامت عروقه تنبض بحب الوطن، وما دامت جوارحه تناصر هذه القضية العادلة وتهتف بصوت مرتفع مناهض لسياسات الاحتلال ووجوده على أرض فلسطين.

وقد تعددت صور الاستهداف ما بين الترحيل والاغتيال والخطف والتضييق والوضع على قوائم الإرهاب، ضمن سياسة العقاب الجماعي والعدوان المستمر تجاه الفلسطينيين في الخارج، وبكل أسف فإن كثيرًا من الدول تنقاد إلى مصالحها وترضخ لمطالب (إسرائيل) منتهكة الحقوق الفلسطينية لتكون شريكة في هذه الجرائم المستمرة، والتي كان آخرها تورط السلطات الأمريكية في قضية "الأشقر" من بداية الاعتقال والتحقيق ثم المحاكمة مرورا بالإقامة الجبرية وصولا إلى اختطافه وتسليمه للاحتلال؟

هناك شواهد كثيرة في السجل الأمريكي ومنها اعتقال د. موسى أبو مرزوق بمجرد وصوله وعائلته إلى مطار "جون كينيدي"في نيويورك عام 1995، حيث بذلت (إسرائيل) ضغوطا كبيرة لاستمرار اعتقاله، وحتى المطالبة بتسليمه إليها، إلا أن الضغوط الشعبية والتغطية الإعلامية والحراك الحقوقي المتواصل دفع الإدارة الأمريكية للإفراج عنه وترحيله إلى الأردن في حينه.

ويبدو أن الاحتلال كان يرغب في التحقيق مع (الأشقر) والسعي لإعادة محاكمته من جديد، ليشترك في جريمة أخرى تدخل في سجله الإجرامي المتواصل بحق شعبنا الفلسطيني، فالسلطات الأمريكية تمارس انحيازا واضحا على حساب حقوق شعبنا وتقدم خدمات مجانية للاحتلال تضر بمصالح الفلسطينيين.

فلم تسمح حتى بإبلاغ عائلة الأشقر ولم تبلغ محاميه ولم تعطه فرصة للاعتراض أو الاستئناف، بعد أن جردته وحرمته من جنسيته الأمريكية.

وبالأساس حاكمته على تهم لم يرتكبها وأصدرت أحكاما جائرة بحقه، وتجاهلت بشكل واضح حقوقه وكل الدعوات التي أطلقتها المنظمات الحقوقية المعنية للإفراج عنه، وتأتي هذه الخطوة العدائية الخطيرة لتنتهك بشكل واضح كل القوانين الأمريكية والدولية ذات العلاقة، حيث تشهد هذه الإدارة الأمريكية تطرفا غير مسبوق تجاه الفلسطينيين، وانصياعا غير أخلاقي تجاه رغبات الاحتلال.

وقد أثمرت الضغوط التي مارستها المنظمات الحقوقية على السلطات الأمريكية نحو إعادته مرة أخرى إلى الولايات المتحدة، حيث صدر قرار بإعادته إلى سجن في ولاية فرجينيا استجابة لقرار قضائي بعدم تسليمه لـ(إسرائيل).

ولم يتحقق المطلب الإسرائيلي نتيجة هذا الحراك والضغوط المتواصلة.

ومن هنا فإن الحراك والجهد الذي بذلته المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا هو عمل مقدر وتصرف مسؤول يمكن البناء عليه والتضامن معه وقد أصدرت بيانا قويا ومؤثرا يفضح الممارسات الأمريكية في هذه القضية وقضايا أخرى، علينا مواصلة العمل من خلال المنظمات الحقوقية والجهات السياسية والدبلوماسية الفلسطينية، وإعطاء مساحة كافية لهذه القضية في الإعلام حتى يتم الإفراج عنه من السجون الأمريكية.

--