فلسطين أون لاين

المبعد "أبو سنينة" يفتقد مدفع رمضان في الأقصى

...
القدس المحتلة– غزة/ نور الدين صالح:

حينما يجلس الأسير المقدسي المُبعد إلى قطاع غزة شُعيب أبو سنينة (51 عاماً) على مائدة الإفطار قبيل أذان المغرب، يقلب ذاكرته ويعود به الشوق والحنين إلى مسقط رأسه بلدة سلوان المُلاصقة للمسجد الأقصى المبارك، وأجواء شهر رمضان هناك.

يصمت أبو سنينة دقائق قليلة حيث يشرد بذهنه إلى مائدة الإفطار التي اعتاد عليها من زوجته المقدسية وأفراد عائلته من حوله (أولاده ووالداه).

أبو سنينة تعرض للاعتقال من الاحتلال الإسرائيلي مرات عدة، وكان آخرها عام 1998، التي أمضى خلالها 13 سنة في سجون الاحتلال من أصل محكوميته "مدى الحياة"، وأُفرج عنه ضمن صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011 وأُبعد إلى قطاع غزة.

ويروي أبو سنينة لمراسل صحيفة "فلسطين"، أنه يفتقد "اللمّة الحلوة" بين أحضان عائلته المقدسية، التي تقطن في منزل لا يبعد كثيرًا عن المسجد الأقصى، حيث الأجواء الإيمانية والروحانية في شهر رمضان.

الحنين والشوق لم يقتصرا على "لمّة العائلة" فحسب، بل تحن أُذُنا أبو سنينة إلى سماع صوت "مدفع رمضان" الذي ينطلق لحظة رفع أذان المغرب بالقرب من المسجد الأقصى المبارك.

ويضيف: "استقبلنا شهر رمضان كما الحال منذ قرابة ثماني سنوات بفرحة ممزوجة بألم الفراق والإبعاد عن الأهل والمدينة المقدسة".

ويتميز رمضان الأقصى، والكلام لأبو سنينة بكثرة التهليل والتكبير لحظة رؤية هلال شهر رمضان وتبادل مشاعر الفرح مع الأهل والجيران في حارات المدينة المقدسة، وساحات المسجد الأقصى.

سفرة رمضان

ويشتهي أبو سنينة بعض الأكلات المفضلة لديه في القدس مثل "السلطة بالطحينة، وأرز القدرة على النار"، عدا عن عصائر عرق السوس والخروب ذات المذاق المميز في القدس، وليس كما في قطاع غزة، وفق حديثه.

ويذكر أنه تزوج من امرأة من قطاع غزة وأنجب منها ثلاث بنات، حيث يجلس برفقتهن على سفرة الإفطار، مستدركاً: "لكنّ ذلك لم يمحُ من ذاكرته حلاوة لمّة عائلته المقدسية وأبنائه الخمسة الذين تركهم في سلوان".

وبقلب يعتصره الألم يقول: "أشعر بالغصة والاختناق عندما أجلس على سفرة رمضان وأنا أفتقد وجود أولادي وزوجتي ووالدي بجانبي".

لم ينسَ أبو سنينة السنوات التي أمضاها بين أصحابه في سجون الاحتلال، التي تخللها الكثير من التفاصيل الحزينة والسعيدة، خاصة في شهر رمضان المبارك.

ويقص أنه كان يقضي أجواء جميلة بين رفاقه في السجن، حيث تزداد بينهم روح الأخوة والتكاتف خلافًا للأشهر السابقة، والشعور بجمال الصحة والألفة.

ويتابع: "كنا نتقاسم المهام فيما بيننا بعد انتهاء الإفطار، حيث يُسارع فينا الواحد تلو الآخر لتنظيف مائدة الإفطار والصحون وترتيب السجن".

ولم تمنعهم إجراءات الاحتلال وتنغيصه من أداء صلاة التراويح وقيام الليل، وقراءة القرآن باستمرار داخل السجن، عدا عن عقد المسابقات الرمضانية الجميلة بينهم، بهدف الترويح عن أنفسهم".