"التحرر من الاحتلال سيكون طموحًا عاليًا. ولست متأكدًا من قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم". هذا ما قاله كوشنر في مقابلة تلفزيونية مؤخرا.
الإدارة الأميركية تعيش وهم استبقاء علو (إسرائيل) في العالم، وفي منطقة الشرق الأوسط، لذا هي تدعم هذا الوهم بكل إمكانيتها المادية، ولكنها لا تستطيع أن تدعم (إسرائيل) بعوامل بقائها سيدة في المنطقة. (إسرائيل) إلى زوال.
كوشنر اليهودي، مستشار ترامب وصهره، يعدّ من المقربين لنتنياهو وترامب، ومن الرجال الأكثر عداء للحقوق الفلسطينية، وربما لا ينافسه في ذلك العداء أحد غير فريدمان سفير واشنطن في تل أبيب. رجل (إسرائيل) في البيت الأبيض لا يرى أنه ثمة إمكانية للفلسطينيين للتحرر من الاحتلال، وتقرير المصير، وإقامة دولة فلسطينية، لأن الفلسطينيين لا يملكون مؤهلات حكم أنفسهم بأنفسهم، والتحرر من الاحتلال مطلب كبير وطموح عالٍ، وربما لا يحصلون عليه؟! وكأن زعيم صفقة القرن يريد من الفلسطينيين البقاء برضاهم تحت الاحتلال؟!
هذه اللغة الاستعمارية والعنصرية سمعناها في زمن الانتداب الاستعماري البريطاني والفرنسي على فلسطين والبلاد العربية، ويومها زعمت الدول الاستعمارية أن العرب لا يستطيعون حكم أنفسهم بأنفسهم، لذ يجب أن يخضعوا لحكم انتداب خارجي يعمل على تأهيلهم للحكم. تمكنت الدول الاستعمارية من تسويق هذه الخديعة وحكمت بلادنا لسنوات طويلة، حتى تمكن الأحرار العرب من تحرير بلادهم، وفرض الاستقلال على الدول الاستعمارية. هذه الحقبة السوداء انتهت منذ عقود خلت، ولكن كوشنر يحسب أنها ما زالت باقية في فلسطين، وأن حصول الفلسطينيين على الحرية وتقرير المصير غير ممكن، لأن مؤهلاتهم ناقصة، ومن ثمة يمكن القول بأن مستشار ترامب يؤيد بقاء الاحتلال، ولا يؤيد قيام دولة فلسطينية، وهذه المواقف هي عينها مواقف نتنياهو وأحزاب اليمين الصهيوني.
إن الطريقة الوحيدة للردّ على مزاعم كوشنر وإدارة ترامب هو مقاطعة هذه الإدارة، ومواصلة المقاومة بكل أشكالها، وعندها سيضطر كوشنر وغيره إلى رؤية الحقيقة القائلة إنه لا استقرار إلا بدولة فلسطينية، وإلّا بحرية كاملة من الاحتلال. رؤية كوشنر الاستعمارية تثبت فشلة في مقاربة الفلسطيني، وفي مقاربة التاريخ، وصاحب الرؤية العوراء لا يرى الأمور مستقيمة ولا مكتملة بسبب ما به من عور ومرض.