32 عيدًا مرت دون أن تكحّل المواطنة نسرين جابر عينيها برؤية شقيقها محمد جابر المحكوم بالسجن 18 عامًا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وها هي الآن تضيف عيدًا آخر إلى سابقاته لتصبح الأعياد بالنسبة لها قصة وجع لا تنتهي فصولها.
على بوابة كل عيد تجزم "جابر" أن فرحة العيد التي تلحظها في عيون الناس ممن حولها، لم تدخل بيت عائلتها قط منذ اعتقال شقيقها في 23 يناير/ كانون الثاني عام 2003، مؤكدة أن المناسبة تتحول ودون إرادة منها وأفراد عائلتها لمناسبة حزينة.
وتقول لـ"فلسطين": "قضى أخي 16 عامًا من مجموع محكوميته، ومنذ تاريخ اعتقاله لم نذق طعمًا لعيد، بل إن قلوبنا فوق هذا مجروحة، وفي كل جمعة ومجلس بين أفراد العائلة لا تغيب صورة أخي وسيرته".
ولم تزر المواطنة "جابر" شقيقها طيلة فترة اعتقاله، غير أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أبلغتها أخيرًا بموافقة الاحتلال على زيارة لها يوم الثلاثاء القادم، حيث "سيكون عيدا سعيدا يوم أن أرى أخي، والعيد الأكبر يكون يوم حريته".
لم يختلف حال المواطنة "جابر" كثيرًا عن حال تهاني شحادة، شقيقة الأسير عمادة شحادة، إذ إنها تحلم في كل عيد على مدار 31 عيدا مضت منذ اعتقال شقيقها، أن تراه حرًا، يتفقد أرحامه برفقة أشقائه.
والأسير "شحادة" معتقل محكوم بـ47 عاما، وممنوع من زيارة الأهل، وهو ما يضفي أجواء حزينة أخرى على مناسبات العيد، وتقول شقيقته: "لا توجد أجواء عيد ولا بهجة مطلقا، فالفرحة غائبة".
وتضيف: "إن عذابات الأسر تبقى تلاحقنا، وهو ما يسرق لحظات فرح وسعادة عيد الفطر والتحضيرات له".
أما والدة الأسير حسن ماضي، المعتقل منذ خمس سنوات، فتشير إلى أنها لم تحتفل بالعيد منذ اعتقال ابنها، وأن الأجواء وإن بدت فرحة في بيتها في يوم العيد إلا أنها تبقى حقيقة أجواء "كاذبة".
وتقول: "فرحتي بعيد الفطر ناقصة كما فرحتي في العيد خلال السنوات الخمس الماضية التي يوجد فيها حسن في سجون الاحتلال"، مضيفة: "لا يمكن أن تدخل الفرحة إلى قلوبنا وأبناؤنا ما زالوا خلف القضبان".
ويؤكد مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الديمقراطية مصطفى مسلماني، أنَّ أجواء العيد الحزينة يمكن لمحها في عيون أمهات وزوجات وشقيقات الأسرى، مضيفا: "جميعهم دون استثناء يحلمون أن يكون أبناؤهم بينهم في العيد".
ويشدد مسلماني لـ"فلسطين"، خلال مشاركته في اعتصام الأسرى الأسبوعي بغزة، أمس، على أن فرحة العيد تبقى منقوصة لدى الأسرى إن لم تكن غائبة بشكل كامل، مشيرا إلى أن الاحتلال أدى دورا كبيرا في زيادة الحزن لدى ذوي الأسرى بسبب إجراءاته التعسفية بحقهم، وحرمان كثير من ذويهم من زيارتهم ورؤيتهم.
ويلفت إلى أن أجواء العيد ليست وحدها التي تضفي أجواء من الحزن على ذوي الأسرى، إذ إن كل مناسبة تقرع في حقيقة الأمر ناقوس الحزن والألم لديهم، وتفتح دعوات وأمنيات عريضة بألا يأتي أي عيد أو مناسبة قادمة إلا وهم محررون ويعيشون الأجواء الاجتماعية بكامل حريتهم.
وينبه مسلماني إلى أن المناسبة وقعها ليس حزينا على ذوي الأسرى فقط، إذ إن الأسرى جميعهم في سجون الاحتلال يعيشون خلالها مناسبة مؤلمة وقاسية على قلوبهم وثقيلة على رؤوسهم، يضطر فيها الأسير لاستحضار شريط الذكريات، وأمنيات الحرية التي يقف جدران السجن حائلا لها.
يذكر أن نحو 6000 أسير وأسيرة يقبعون في 18 سجناً ومعسكرًا ومركز توقيف داخل سجون الاحتلال، ومن بين هؤلاء 51 أسيرًا أمضوا أكثر من 20 عامًا.