فلسطين أون لاين

احتجاز دون مذكرة قضائية.. إجراءات اعتقال خارج إطار القانون

...
صورة أرشيفية
رام الله / غزة - يحيى اليعقوبي

لا تدرك أجهزة أمن السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، حجم الالتزام الدولي المترتب عليها بعد انضمامها لمنظمات واتفاقيات دولية ألزمت نفسها بها دون أي تحفظات على بنودها، كاتفاقية مناهضة التعذيب وسوء المعاملة، فبحسب مراقبين، فإن تلك الأجهزة لا تلتزم لا بالقوانين المحلية الفلسطينية أو الدولية، في ظل زيادة وتيرة اعتقالاتها السياسية بالضفة.

شهاب الطيطي (25 عاماً) من سكان مخيم العروب شمال محافظة الخليل، والذي يعمل موظفاً في جهاز الأمن الوطني التابع للسلطة في الضفة الغربية، لم يمض شهر على زواجه، حتى اعتقله جهاز الاستخبارات العسكرية في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بداعي أن "جيش الاحتلال طلب اعتقاله في سجونها "حسب عائلته.

أما الشاب قتيبة عازم الذي نظم حفل استقبال لشقيقه الأسير المحرر مجد عازم (28 عاما) بعد أربعة أعوام من الاعتقال لدى سلطات الاحتلال، اعتقله جهاز الأمن الوقائي في أكتوبر/ تشرين أول الماضي لذات السبب.

في حين كانت تهمة اعتقال جهاز المخابرات العامة لدى السلطة؛ الأسير المحرر محمود عبد الفتاح عبد الله من محافظة نابلس، بسبب تلقيه مساعدة مالية من مؤسسة تعنى بشؤون الأسرى في قطاع غزة؛ كاستحقاق مالي له من المؤسسات التي تقدم المساعدات للأسرى المحررين.

حوادث الاعتقال لأسباب غريبة ومتعلقة بالحريات العامة، طالت الصحفي سامي الساعي (37 عاما) من محافظة طولكرم، بعد أن اعتقلته قوات الاحتلال في التاسع من مارس/ آذار 2016م، لمدة ستة أشهر، وأفرج عنه في 17 نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، على خلفية منشوراته على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، اعتبرها الاحتلال تحريضية.

لكن الأمر لم ينتهِ هنا، ففي الثاني من فبراير/ شباط الجاري اعتقل جهاز المخابرات الصحفي الساعي على خلفية ذات المنشورات السابقة التي اعتقله الاحتلال على إثرها.

الشاب محمد الخضور (17 عاما) اعتقل في أكتوبر/ تشرين أول الماضي من قبل الأمن الوقائي بالضفة، بعد نشر صورة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يظهر فيها محمد يمسك مسدسا عبارة عن "لعبة"، مع سترة عسكرية، مع صديقيه.

اعتداءات خارج القانون

يؤكد رئيس تجمع الشخصيات المستقلة بالضفة الغربية ونائب رئيس لجنة الحريات، خليل عساف على ضرورة تحريك ملف الحريات، في ظل اعتداءات تتم خارج القانون، موضحا أن تلك الاعتداءات تؤثر على العلاقات الوطنية الداخلية، وتجعلها على المحك"، مشدداً على ضرورة ترميم هذه العلاقة لأن الشعب الفلسطيني بالضفة يتعرض لعمليات تطهير وتهجير من القدس ومناطق "ج" والأغوار.

وشدد على ضرورة أن يعامل الإنسان الفلسطيني باحترام، وعدم الاعتداء عليه، وقال لصحيفة "فلسطين": "الإنسان الفلسطيني يجب أن يعامل باحترام، كذلك عدم الاعتداء عليه بأي سبب من الأسباب، فنحن بحاجة أن يكون هناك أجهزة أمنية تطبق القانون وتحترم الإنسان".

النائب في المجلس التشريعي عن محافظة طولكرم، فتحي القرعاوي، يقول: "إن انتهاك حرية التعبير يأتي بشكل واضح من خلال التمييز بين المواطنين، خاصة بموضوع الاعتقالات السياسية أو الاعتقال لمجرد النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنه لا يوجد أدنى حد من الحريات بالضفة الغربية، كذلك لا يوجد التزام بالقوانين الفلسطينية.

من ناحيته، يوضح رئيس دائرة التوثيق بمؤسسة الحق تحسين عليان أن مؤسسته ترصد شكاوى من بعض الأشخاص الذين تم اعتقالهم من قبل أجهزة أمن السلطة، وقال: "نزور سجون السلطة ونرى بعض الحالات المخالفة للقانون الفلسطيني والقانون الدولي لحقوق الإنسان".

وقال لصحيفة "فلسطين": "يجب أن يكون الاعتقال وفقا لإجراءات قانونية مناسبة تضمن الحق بمحاكمة عادلة بأن يكون هناك مذكرة اعتقال صادرة عن جهة مختصة كالنيابة العامة أو القضاء".

إلا أن عليان ذكر أنه غالبية الحالات يتم فيها الاحتجاز دون أن يكون هناك مذكرة من جهة اختصاص، متمما: "حتى لو تم عرض هؤلاء الأشخاص على محكمة مختصة وأصدرت قرارا بإطلاق سراحهم لا يتم ذلك، وترفض الأجهزة الأمنية إطلاق سراحهم".

وأشار إلى ارتفاع وتيرة الاعتداءات على حرية الرأي والتعبير، كذلك ارتفاع حالات التعذيب وسوء المعاملة في مراكز الاحتجاز، أكثرهم من الصحفيين وطلبة الجامعات، مشددا على أن تزايد عمليات الاعتقال يؤثر على النسيج الاجتماعي.

ولفت عليان النظر إلى ما يسمى "قانون بأمر" الذي يصدر عن رئيس السلطة، موضحا أن القانون الفلسطيني يعطي رئيس السلطة صلاحية تمرير ذلك القانون فقط في حالات الطوارئ وليس كما يحدث اليوم"، لافتا إلى أن السلطة تعمل على سن قانون "الإعلام الإلكتروني" الذي سيزيد القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير، ويزيد من الانتهاكات على خلفية منشورات على موقع فيس بوك.

اتهامات غير واقعية

في حين، يبين المحامي بمؤسسة الضمير لحقوق الإنسان مهند كراجة أن القوانين الفلسطينية تضمن حرية الرأي والتعبير، ولكن المشكلة تكمن في قضية الاعتقال السياسي والتحقيق مع المعتقلين على وقائع متعلقة بالانتماء الحزبي، ويتم توجيه اتهامات لهم لا تتعلق بالوقائع التي يتم التحقيق معهم فيها، كتوجيه تهمة إثارة النعرات الطائفية لأعضاء "الكتلة الإسلامية".

وقال كراجة لصحيفة "فلسطين": "تستند الأجهزة الأمنية لعمليات الاعتقال تلك، لقانون صادر بأمر من رئيس السلطة، ويتم توجيه العقوبة للأشخاص المنتمين لأحزاب فلسطينية كحماس بناء على هذه التهمة".