فلسطين أون لاين

​رمضان عائلة "العيساوي" المقدسية.. صور وذكريات ودموع وحنين

...
شيرين وسامر العيساوي (صورة أرشيفية)
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

تعيش أم سامر العيساوي أيامها الرمضانية على صور وذكريات لابن شهيد وأسير وآخر مطارد، سفرتها اليوم كرسي لها وآخر لزوجها، ونظرات تسرقها لصور أبنائها المعلقة على الحائط، دموع الحنين والشوق تغالبها؛ فلا شهية لأي طعام بعد فراقهم.

العيساوي تبلغ من العمر (71) عامًا، مقدسية ربت أبنائها الثمانية على حب الوطن والدفاع عنه، فمن لا يعرف المحامية شيرين العيساوي التي سجنت خمس سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأخاها فادي الذي استشهد في هبة الحرم الإبراهيمي في شهر رمضان، قبل 25 عامًا؟!

وابنها صاحب الإضراب الأطول عن الطعام سامر العيساوي، الذي نعم بالحرية في صفقة وفاء الأحرار عام 2011م، ثم أعاد الاحتلال اعتقاله، ومدحت المحامي الذي اعتقل منذ ست سنوات وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات بتهمة معاونة جهات إرهابية، لأنه يطالب بحقوق الأسرى الممنوعين من الزيارة أمنيًّا، ومجموع السنوات التي قضى في سجون الاحتلال 27 عامًا.

بقلب يعتصره الألم تقول العيساوي: "أحن إلى لمة أبنائي حولي على سفرتي الإفطار والسحور، أشتاق لطلباتهم: صنع الملوخية التي يحبها سامر، والجزر الأحمر الذي يعشقه فادي الذي استشهد ونفسه تطلبه، وورق العنب الذي يفضله مدحت".

وتضيف: "أجلس على الكرسي وبجواري زوجي، أسرق النظرات إلى صور أبنائي، أداري دموعي حتى لا يتأثر زوجي ويمتنع عن الأكل، لا أتذوق طعمًا للأكل بعد فراقهم، حتى إنني لا أعد الأكلات التي يحبونها لأني لا أستطيع أن أبلع لقمة منها؛ فقلبي يتألم".

وتتابع العيساوي: "رمضان هو الوحدة وذكريات الحنين، فالبيت يغلب عليه السكون، أشتاق لضجيجهم حولي، أصعب شهر يمر علي في العام كله، لأنني أتذكرهم وقت الإفطار والسحور، أتساءل: ماذا يأكلون؟!، كيف يصومون؟!، كيف يقضون رمضان؟!".

طيف مدحت يحوم في البيت، فقد أنجبت زوجته بنتًا لم يرها بعدما اعتقل وهي حامل في الشهر الثالث، كبرت البنت وبلغت ست سنوات عمر سنوات سجن والدها، تقسم أيام رمضان بين بيت جدتها أم سامر وجدها لأمها.

تصف العيساوي لحظة إضافة كرسي ثالث على مائدة إفطارها، قائلة: "أشتم رائحة مدحت من خلال ابنته، أشعر كأنه هو من يشاركني في الإفطار، لاسيما أنه لم يقبلها ويضمها سوى خمس دقائق فقط طوال السنوات الست".

بعد أربع سنوات ونصف تنسمت شيرين الحرية وتزوجت، وتسكن اليوم في "جنيف" مع زوجها، وستناقش رسالة الماجستير في جامعة "بير زيت" بعد شهر تقريبًا، وستقدم للدكتوراة بعدها، مع أن الاحتلال منعها من مزاولة مهنة المحاماة مدى الحياة.

في غربتها لم تنس مذاق أكل والدتها الطيب، تذكر العيساوي أن شيرين في رمضان تسألها عن طرق إعداد كثير من الأكلات التي نسيتها بفعل سنوات عذاب السجن.

لا طقوس للعيد أيضًا في بيت العيساوي، تبين أنها لا تصنع كعك العيد ولا حلوياته، لأنه يمر وقد غاب أحباء قلبها وخلا البيت من ضحكاتهم، فالعيد لا يثبت عندها إلا بثبوت حرية سامر ومدحت، ولقاء أبنائها الآخرين المطاردين.