كشف صالح حجازي نائب مدير المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية (أمنيستي)، أن اللجنة الأمنية المشتركة التي تديرها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، هي القائمة على ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة وأهمها تعذيب المعتقلين.
وقال حجازي في حوار صحفي مع صحيفة "فلسطين": "الحريات العامة في الضفة الغربية وضعها مؤسف جدًّا، وقمع أصحاب الرأي والنشاط السياسي قاسٍ"، مشيرًا إلى أن تقييم عمل حكومة رامي الحمد الله السابقة تجاه الحريات العامة كان سيئًا جدًّا.
وبين أن التحقيقات التي تعلن عنها الأجهزة الأمنية تجاه انتهاكاتها هي "إعلانات فارغة المضمون"، قائلًا: "أي إعلان عن تحقيق هو فارغ المضمون، ولا يوجد تحقيق فعلي، وإذا توافر فهو لا يستند إلى الفعالية والاستقلالية وهذه أهم عناصر التحقيق، ولا يعلن عن نتائجه حال وجوده".
وأضاف: "نتابع انتهاكات حقوق الإنسان في الضفة الغربية منذ سنوات، ولا نعرف أي شيء بعد الإعلان عن أي تحقيق".
تعذيب المعتقلين
وأوضح الحقوقي أن أي معارضة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وأي تعبير عن الرأي بشكل مخالف لهم، يُعرض النشطاء وأصحاب الرأي للاعتقال والاستدعاء، قائلًا: "الخطير في ذلك ممارسة التعذيب وسوء المعاملة بحق المعتقلين على خلفيات حرية الرأي والتعبير".
وشدد حجازي، على أهمية تطبيق الاتفاقات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والموقعة عليها السلطة، مطالبًا بحل اللجنة الأمنية المشتركة، ووقف التعذيب وتشكيل اللجنة الوطنية لمناهضة التعذيب.
وقال: "لو كانت هناك عمليات تغيير في النهج الحكومي المتبع تجاه حقوق الإنسان والحريات العامة، ووقف الانتهاكات، فعلى الحكومة تطبيق بنود تلك الاتفاقات وفتح تحقيق بالانتهاكات ووقف التعذيب وإسقاط التهم تجاه أصحاب الرأي".
ودعا المسؤول الدولي إلى ضرورة وقف التعذيب بحق المعتقلين والتحقيق فيما يتعرضون له، مشيرًا إلى "التعذيب البشع" الذي تعرضت له المعتقلة السياسية سهى جبارة.
وفي السياق نفسه، بين صالح، استمرار عملهم في متابعة قضية الناشط عيسى عمرو، واصفًا قضيته بـ"المعبرة عن سلوك وسياسة السلطات الحاكمة في الضفة الغربية".
وقال: "عمرو تعرض في اعتقاله للاعتداء والتهديد بالقتل من المحققين"، مشيرًا إلى أنه يواجه محكمة فلسطينية بناء على أنشطته في حقوق الإنسان، وأخرى إسرائيلية نتيجة عمله في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي.
وأضاف: "يواجه عيسى عمرو عقوبة بالسجن لآرائه المتعلقة بتعزيز حقوق الإنسان على الإنترنت، وينبغي على السلطات الفلسطينية إسقاط جميع التهم عنه، وألا يكون انتقاد المسؤولين جريمة"، مشيرًا إلى أنه في سُجِن عيسى عمرو فسيُعد سجين رأي.
ويواجه الناشط عمرو تهمة "تهديد الأمن العام" بموجب "قانون الجرائم الإلكترونية"، و"إثارة النعرات الطائفية"، و"إطالة اللسان"، بموجب قانون العقوبات الأردني لسنة 1960.
وقال حجازي: "قانون الجرائم الالكترونية، تستخدمه السلطة الفلسطينية لملاحقة النشطاء ومن يعبر عن رأيه في انتقاد السلطات".
وفيما يتعلق بحقوق المرأة الفلسطينية، بيَّن وجود انتهاكات لحقوقها من الأجهزة الأمنية، قائلًا: "سهى جبارة وهي أم لثلاثة أطفال اعتقلت على خلفية نشاطات قامت بها، وتعرضت للتعذيب البشع، ونطالب بفتح تحقيق في ذلك".
وعن اعتقال الأمن الوقائي المواطنة آلاء بشير، أشار حجاري إلى تواصل مؤسسته المستمر مع محاميها، مؤكدًا أهمية وقف انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقال التعسفي.
وأشار إلى أن وضع الحريات العامة في الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة سيئ جدًّا، داعيًا إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان تجاه الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال الإسرائيلي.
أداء الحكومة
وفي سياق متصل، أكد حجازي ضرورة تغيير حكومة محمد اشتية للنهج الحكومي الذي اتبعته حكومة رامي الحمد الله، واصفًا أداءها تجاه الحريات العامة بالسيئ جدًّا.
وطالب الحقوقي رئيس الوزراء محمد اشتية بتغيير النهج المتبع من حكومة الحمد الله، واحترام الحريات ووقف التعذيب والاعتقال التعسفي.
وقال: "حتى الآن لم نرَ شيئًا ونتأمل وجود تغيير ملموس وتغيير السياسات المتبعة، ونوصي بالتزامات دولة فلسطين بالاتفاقات الدولية".
وأضاف: "نصدر تقريرًا سنويًّا نراجع فيه كل دول العالم، وما شهدناه في غزة والضفة الغربية تدهور في الحريات العامة، ونطالب السلطات عكس هذا النهج".
وقال: "السلطات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية عليها التزامات ومسؤوليات دولية تجاه احترام حقوق الإنسان".
وعبر حجازي عن أمله في أن تتبع السلطة الفلسطينية نهجًا مختلفًا تمامًا عن السنوات الماضية، "لأن كل إنسان حول العالم يجب احترام حقوقه، وتزاد الأهمية لمن يقبع تحت الاحتلال ويمارس ضده انتهاكات وحشية لحقوق الإنسان".
وقال: "الضفة تعيش تحت سلطة الاستيطان والفصل العنصري، وقطاع غزة تحت حصار وهو عقاب جماعي ويجب على القيادة الفلسطينية احترام حقوق الإنسان".
انتهاكات ممنهجة
وحول الانتهاكات الإسرائيلية، أوضح حجازي أن منظمة العفو الدولية ترصدها بشكل دوري ودقيق، مؤكدًا أن هذه الانتهاكات ممنهجة وتقوم على الاستيطان والقتل غير المشروع للفلسطينيين.
وشدد على أن القتل غير المشروع في مسيرات العودة والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واستهداف المواطنين في الضفة الغربية هي جرائم حرب.
وقال حجازي: "المشاريع الإسرائيلية الاستيطانية غير قانونية، ومخالفة للاتفاقيات الدولية وأهمها اتفاقية جنيف"، مؤكدًا أن الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال مرتبطة بشكل أساسي مع مشروع الاستيطان.
وأضاف: "من هذه الانتهاكات، الاعتقال التعسفي والإداري ومصادرة الاحتلال للأراضي وحرمان الفلسطينيين من البناء وممارسة التهجير القسري بحقهم كما هو قائم الآن في تجمع الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة المهدد بالهدم والإخلاء بشكل كامل".
وأوضح حجازي أن النظام القضائي الإسرائيلي جزء لا يتجزأ من الانتهاكات بحق الفلسطينيين، والقائمة منذ بداية الاحتلال.
وأكد أن منظمة العفو الدولية توثق تلك الانتهاكات لأهميتها، وتعمل على حملات مناصرة للضغط على دول عالمية لتغيير سياساتها، وتحمل مسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان، كدول الطرف الثالث.
وأشار إلى أن حملات الضغط والمناصرة الحالية تركز على قطاع السياحة الذي تستخدمه (إسرائيل) في شرعنة الاستيطان، من خلال شركات سياحية، واصفًا ذلك بأنه "جريمة حرب".