في أول يوم من كل أسبوع في شهر رمضان تغلق قوائم المسجلين للذهاب إلى الصلاة في المسجد الأقصى في الجمع الرمضانية، فشهر رمضان متنفس الممنوعين من زيارة القدس والصلاة في مسجدها الأقصى المبارك.
هدير محركات الحافلات تخترق فجر المدن الفلسطينية، حيث ينتظرها الآلاف من الفلسطينيين لنقلهم إلى معبر قلنديا، والعودة بهم بعد انتهاء صلاة التراويح من داخل مناطق الـ48، فالرحلة الأولى تكون عبر طرق الضفة الغربية، أما الثانية من داخل فلسطين التاريخية.
سائقو الحافلات الذين ينقلون الوافدين من معبر قلنديا إلى أبواب البلدة القديمة لا تتوقف رحلاتهم إلا بعد انتهاء صلاة التراويح لنقل الوافدين في رحلة العودة، فيكون ليل القدس والضفة على أصوات هدير محركات الحافلات.
كمال الباز الذي يشرف على نقل المتوجهين للمسجد الأقصى في شهر رمضان من قلقيلية يقول: "أنا واحد من كثيرين ينسقون مع الحافلات والوافدين، وتصل أعداد الحافلات من طرفي إلى ست حافلات على الأقل، وفي بداية الأسبوع يكون العدد مكتمل، وغيري تكون أعداد الحافلات عندهم بالعشرات، فالرغبة في الذهاب إلى المسجد الأقصى قوية جدًّا، ولا نستطيع تلبية رغبات كلٍّ، فيضطرون إلى استخدام مواصلات عمومية وخاصة كي يصلوا إلى المسجد الأقصى والصلاة فيه، وتكون مدينة قلقيلية صباح الجمعة مكتظة في عدة مواقف، والحافلات تأتي لتنقلهم إلى معبر قلنديا، فمشهد الحافلات يشبه موسم الحج، فهو موسم حج فلسطيني بامتياز، وتكون البداية من ساعات الفجر حتى ساعات الصباح الأولى".
أما منظم رحلات شد الرحال للمسجد الأقصى في محافظة قلقيلية، طبيب العيون عبداللطيف أبو سفاقة يقول: "المشهد يتكرر في كل المحافظات الفلسطينية، فالحافلات هي جسر العبور نحو القدس، وكلٌّ ينتظرها بشغف لا يوصف، ومن هذه الحافلات ما تنقل من وسط المدن، ومنها من المعابر الأمنية للذين يملكون التصريح أو من هم فوق سن الـ55من الرجال ولا يوجد في ملفهم "ماض أمني"، ومن النساء من سن 50 وكذلك دون وجود "ماض أمني"، أما القسم الأكبر فيتوجه إلى معبر قلنديا حيث معاناة السفر والإجراءات والازدحام، واستخدام حافلات قلنديا، في منظر يشبه النفير إلى جبل عرفات".
ويضيف: "منظر الحافلات وهي تنقل المصلين في رحلة العودة منتصف الليل داخل المدن الفلسطينية له طقوس خاصة، فهذا المنظر لا يتكرر إلا في شهر رمضان، وتدب الحياة في ليل هذه المدن، وكأن الوقت في ساعات النهار، فهناك من ينتظر القادمين من القدس لاستقبال ذويه".
السائق رياض اسنينة من واد الجوز يقول: "إن نقل المصلين في الصباح والمساء من مدن الضفة الغربية له مذاق خاص، فمن يأتي القدس يكون مشتاقًا إليها بعد حرمان طوال العام".
وفي منطقة مطار قلنديا يصف السائق المقدسي زياد المشهد قائلًا: "هذا المشهد يعزز من وجودنا في القدس، ويثبت للاحتلال أن القدس إن عزلت بالجدران والمعابر الأمنية؛ فهناك من يأتيها، ولو تحمل كل العذاب والقهر والإذلال".