فلسطين أون لاين

النفوس الكبيرة...كالشعوب الكبيرة

قلنا في مقال (في البحرين: المال مقابل الوطن والكرامة)، إن ورشة أميركا في البحرين ستفشل لسببين : الأول ديني، وتفاصيله معروفة، والثاني (الكرامة العربية ) التي تسكن الشعوب. وهنا أودّ توضيح السبب الثاني لما يدور حوله من شبهات بحكم الواقع الجبري الذي ترزح تحته الشعوب العربية، هذا الواقع المسكون بظلم الحاكم، وخوف المحكوم، إضافة إلى المصادر التي تشوه الثقافة العربية النقية، جعلت الفلسطينيين يشعرون باليأس من حركة الشعوب.

قد يبدو اليأس أمرا طبيعيا بسبب واقع يبث اليأس بالليل والنهار، وفي الحرّ والبرد، ولكن اليأس ليس أمر طبيعيا عند النفوس الكبيرة، والنفوس لا تكون كبيرة خارج المنهج الذي أنزله ربنا لنا تربية وتعليما وتخطيطا وحفظا. الكبير من يلتزم بالمنهج، ويبثه روحا وثابة في الشعوب، التي سكنها خوف الحاكم، بدلا من خوف الله.

أنا أثق بالشعوب لأنها تحمل الخيرية الدائمة المتجددة، ولا أثق بالحكام القائمين على أمر الشعوب، لأنهم جاؤوا إلى الحكم غصبا، ولأنهم قهروا شعوبهم، وفرضوا عليهم ذلة وعبودية لأميركا. الشعوب العربية في البحرين والخليج وبقية العالم العربي ترفض مؤتمر البحرين لبيع القدس والحقوق الفلسطينية المتبقية باسم (صفقة القرن)، ولكن الشعوب لا تستطيع ترجمة رفضها عمليا بسبب الحكم العضوض.

إن من حيل الحكام الجبريين الخبيثة، تقديم رجال من نخبهم في أفلام فيديو قصيرة، يبدون فيها حبا وولاء لليهود، وكراهية للفلسطينيين، وكأن الشعوب تغيّرت من ذات نفسها، ليستجلبوا ردودا فلسطينية غاضبة على الشعوب العربية، ومن ثمة ينشرون العداوة بين الفلسطينيين والخليجيين. نعم هناك منحرفون في الشعوب في كل زمان، ولكن هناك حكام يبثون الانحراف السياسي والسلوكي، بغرض نشر العداوة، وتبرير تعاطيهم مع صفقة القرن، وعزل الفلسطينيين بدعوى أنهم لا يبدون احتراما لعطاء هذه الدول عبر التاريخ.

يجدر بالفلسطينيين أن يثقوا بالخير الذي يسكن الشعوب العربية، هذا من ناحية، وأن يتجنبوا ملاحقة الأصوات الخليجية الشاذة التي تظهر في وسائل الإعلام الجديد بهدف توسيع شقة الخلاف من ناحية ثانية. وأنبه إلى أن هناك أصواتا فلسطينية شاذة أيضا توسع شقة الخلاف بين غزة والضفة، وبين حماس وفتح، مع أن الخيرية التي تسكن أهلنا في الضفة وغزة هي الأوسع، وهي حصننا جميعا من الخلافات والمؤامرات. شعب فلسطين والشعوب العربية بما فيها من خيرية دائمة ومتجددة بمعناها المطلق ستسقط مؤتمر البحرين، وصفقة القرن. وستنتظر الأنظمة الجبرية (إسرائيل) طويلا لأنها لن تصل؟!