يرى مختصان في الشأن السياسي أن إطلاق حزب سياسي فلسطيني جديد في الضفة الغربية المحتلة لن يشكل إضافة نوعية للسياسة الفلسطينية المتشظية أصلًا لعوامل عديدة.
ويقول هؤلاء: إن الأوضاع الفلسطينية في الضفة الغربية تمر بحالة من فقدان الثقة يرافقها تفكك جغرافي وسياسي كبيرين، في ظل التغول الاستيطاني الإسرائيلي، وانتشار الفلتان الأمني وسوء الأحوال المعيشية والاقتصادية الصعبة لدى المواطنين، ما يعني حاجتها إلى حركات تحرر فاعلة وليس أحزاب برؤى "مشبوهة".
ووفق البيان التأسيسي لحزب "الإصلاح والتنمية"، فإنه يهدف إلى "وضع حد للفساد والمحسوبية وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الفلسطينية، والعمل على إنهاء الانقسام ورفض كافة أشكال الإرهاب"، وفق تعبيره.
ويدعو الحزب الذي انطلق مطلع الشهر الجاري إلى "فتح حوار مع المؤسسات الإسرائيلية غير الحكومية"، مشيرًا إلى ضرورة استئناف مفاوضات التسوية و"عدم وضع شروط مسبقة أو فيتو من قبل الحكومة الإسرائيلية على عملية التفاوض"، الأمر الذي رآه مختصون بأن الحزب ولد ميتًا بإضافة عددية لا نوعية للسياسة الفلسطينية، ومحطة جديدة بمسلسل تراجع القضية الفلسطينية.
وبدأت فعاليات الحزب الرسمية بمأدبة إفطار جمعت القائمين عليه ومنهم رجل الأعمال الفلسطيني أشرف الجعبري، وخلدون الحسيني، وماهر زلوم، ووسام سدر، بمشاركة مسؤولين ورجال أعمال إسرائيليين تقدمهم يوسي دغان، رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات "شومرون" في الضفة الغربية.
وحول تداعيات الحزب الجديد، التي أعلن عنها في بيانه التأسيسي، حذر مختصان في الشأن السياسي في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" من خطورة المبادئ التي يقوم عليها الحزب، بغض النظر عن المبررات التي ساقها ذات الصلة بعدم فاعلية مؤسسات منظمة التحرير ومؤسسات السلطة.
"روابط القرى"
ويرى الكاتب سري سمور، أن وجود أي حزب سياسي على الساحة الفلسطينية "لا قيمة له"، إذ إن المطلوب حركات تحرر وطني مقاومة للاحتلال الإسرائيلي، لافتاً إلى أن أهداف حزب "الإصلاح والتنمية" التي أعلن عنها "مشبوهة".
وأوضح سمور أن إطلاق الحزب مرفقًا بالدعوة لإقامة مفاوضات مع الاحتلال، ونسج العلاقات مع مؤسسات إسرائيلية غير حكومية تتساوق مع رؤية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتعزيز رؤية "السلام الاقتصادي التي تستند عليها صفقة القرن الأمريكية".
وقال: "إطلاق الحزب في هذه الأوقات وتعزيز عمله في الضفة الغربية، تساوق مع صفقة القرن، فالأولى بمن يريد إصلاح الشعب الفلسطيني، إصلاح ذلك سياسيًّا أفضل من هذه الترهات".
وحذر سمور من دعوة الحزب إلى "إدانة الإرهاب" والتي تعني عدائه للمقاومة الفلسطينية وتجريم النضال منذ عام 1897م، مشيرًا إلى أن ما يقوم عليه الحزب تكرار لمشهد قديم برؤية جديدة وهي "روابط القرى".
ودعا الكاتب السياسي إلى ضرورة التصدي لكل الدعوات المشبوهة القائمة على نزع حق الشعب الفلسطيني السياسي والتاريخي والإنساني، والقائمة على التعامل معهم كسكان بلا هوية جغرافية أو سياسية أو ثقافية أو إنسانية أو كغرباء في هذه الأرض.
ابتهاج إسرائيلي
من جهته، رأى الكاتب عمر جعارة، أن الحزب الجديد لن يضفي شيئًا جديدًا على المشهد السياسي الفلسطيني، منوهًا إلى احتفاء وسائل الإعلام الإسرائيلية به واستقبال خبر تأسيسه بابتهاج كبير.
وتوقع جعارة وجود ربط بين إطلاق "الإصلاح والتنمية" والرؤية الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية ممثلة بصفقة القرن، قائلاً: "أمريكا تريد تمزيق الأرض الفلسطينية والأمة العربية".
وبين أن الحزب سيرى النور وسيضفي على أنشطته النجاح حال دعمته الإدارة الأمريكية،بالمال "والشرعية"، مؤكدًا أن وجود الحزب سيزيد من تفكك الشعب الفلسطيني.
وقال: "لا قيمة لأحزاب جديدة، ونحن في أدنى مراحلنا السياسية في القضية الفلسطينية، في ظل الوضع الراهن والصعب في الضفة الغربية وقطاع غزة".