على مدار عام وشهرين، استخدم الاحتلال كافة الأدوات والوسائل لإيقاف مسيرات العودة، وهنا لم يترك وسيلة ولا أسلوبًا إلا واستخدمه، لكنه فشل في ذلك، فتم استهداف المشاركين بالقتل والإرهاب، وارتقى فيها مئات الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى، وعندما فشل في ثنيهم عن ذلك لجأ إلى الدعاية المباشرة التي ينفذها عبر إعلامه ضد المسيرات والمشاركين والقائمين عليها، ولكنه فشل بشكل كبير، وفي المواجهة الأخيرة وضع شرطًا أمام الوسطاء أن وقف العدوان مرتبط بالتعهد بوقف المسيرات، لكنه فشل.
كل ذلك ترافق مع حملة من قبل جهات في السلطة ضد مسيرات العودة وتوجيه أبواقها نحو النيل من مسيرات العودة، بعد أن أوقفت المسيرات الشعبية في الضفة الغربية، في نعلين وبلعين وغيرها من القرى، وحتى رَفْض تنظيمها في ذكرى إحياء النبكة، وسلطت الأصوات عليها والنيل من مسيرات العودة، وللاحتلال والسلطة اعتباراتهما المشتركة التي تقوم على خطورة مسيرات العودة على مشروع التسوية للجانبين ومستقبلهما.
الاحتلال يرى أن مسيرات العودة تعيد للواجهة الخطر الفعلي على قيام الاحتلال وهو العودة، نقيض وجود الكيان تماماً، حيث إنه بمجرد أن يتحقق حق العودة ولو بعد 71 عاماً ويعود الحق لأهله سينهار الكيان، وهو الكابوس الذي يخشاه الاحتلال، وكذلك فإن عودة طرح ملف العودة بهذا الزخم وهذه القوة لدى الأجيال الجديدة، يعني إعادة الوعي الجمعي الفلسطيني نحو القضية المركزية له، وهي حقّه في العودة، وفشل كافة المشاريع التي طرحت على مراحل عدة تقوم على إنهاء قضية اللاجئين، وآخرها صفقة القرن التي ركّزت عليها الولايات المتحدة، فيما السلطة ترى في مسيرات العودة خطراً على مشروعها التي تتبناه للتسوية مع الاحتلال وفشله أمام مسيرات العودة، إلى جانب ظهور كيانات فلسطينية تستمد شرعيها من المتظاهرين، مثل: اللجنة العليا لمسيرات العودة التي أثبتت أنها قادرة على إدارة الفلسطينيين وتمثيل قضيتهم بعد فشل السلطة في ذلك، وتغييب الشرعيات الفلسطينية، وفشلها في المحافل الدولية، لذلك يضع الاحتلال على سلم أولوياته إنهاء مسيرات العودة، وضرورة وقفها بأي شكل، سواء بالدم والقتل والإرهاب أم من خلال بث ونشر أكاذيب وإشاعات ضد المشاركين فيها، عبر وسائل إعلامه، أو التوافق مع توجهات السلطة التي تتقاطع معه في أهداف عدة.