قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى في القدس تشهد عمليات هدم واسعة، تعكس محاولة سلطات الاحتلال لتهجير أهالي القدس الأصليين لصالح المشاريع الاستيطانية.
وأوضحت "هآرتس" في تقرير لها، أن الاحتلال نفذ عملية هدم جماعية في سلوان طالت 11 منزلًا في حي البستان في يوم واحد، مشيرةً إلى أن عمليات الهدم تحوَّلت من الهدم الفردي إلى الهدم الجماعي.
وأكدت أنّ بلدية الاحتلال أصبحت قريبة من تنفيذ وعيدها بإزالة حي البستان بالكامل، منوّهة إلى أنّ أهالي سلوان ينظرون لها على أنها جزءٌ من خطة أوسع تهدف إلى طردهم من منازلهم لصالح المشاريع الاستيطانية، مستغلين حالة الطوارئ التي فرضتها الحرب على غزة.
وجاءت عملية الهدم الجماعي هذه بعد أيام من إجبار عائلة فلسطينية على إخلاء منازلها لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية. وقبل ذلك أيضًا بأسبوع، قتلت شرطة الاحتلال، الطفل عمر شويكي (16 عامًا)، ومايزال جثمانه محتجزًا لدى الاحتلال.
وذكرت الصحيفة العبرية، أنّ كل هذه الأحداث بالنسبة لأهالي سلوان تُمثل سلسلة متواصلة من هجوم شامل ضدهم من قبل سلطات الاحتلال، في إطار محاولات لإخلائهم لصالح الاستيطان.
ونقلت الصحيفة عن جمعية "عير عميم" أن بلدية الاحتلال في القدس نفذت 243 عملية هدم خلال عام 2024، وهو أعلى معدل هدم في عام واحد منذ احتلال الجزء الشرقي من القدس عام 1967. كما تم تسجيل 103 عملية هدم ذاتية لتجنب تكاليف الهدم التي تفرضها بلدية الاحتلال على أصحاب المنازل في حال قامت هي بعملية الهدم.
وأكد أفيف تاتارسكي، الباحث في جمعية "عير عميم"، أن حي البستان في سلوان يتعرض للحملة الأشد قسوة من رئيس بلدية الاحتلال في القدس، بدعم من ايتمار بن غفير. كما انتقدت لورا وارتون، من حزب "ميرتس"، سياسة الهدم في حي البستان، وقالت: "هذه الأعمال الهمجية لا تفيد سوى في تعميق الاستياء والغضب بين السكان".
في حين قال فخري أبو دياب، عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان، إن عدد المنازل المهددة بالهدم بلغ 116 منزلاً، يسكن فيها 1500 نسمة تقريبًا.
وفي عام 2010، أعلن نير بركات، الذي كان في حينها رئيس بلدية الاحتلال في القدس، عن خطة لهدم حي البستان وبناء "حديقة الملك" على أراضيه. ومن المتوقع أن تتصل الحديقة الاستيطانية بحديقة مدينة داود التي تديرها جمعية "إلعاد" الاستيطانية.
وقالت صحيفة "هآرتس"، إن هذه الخطة أثارت انتقادات واسعة من دول عديدة، وعرضت بلدية الاحتلال خطة لنقل أهالي سلوان من منازلهم إلى مبان مرخصة في منطقة أخرى من الحي، إلا أنهم أكدوا أن الخطة لا تتماشى مع احتياجاتهم، ورفض معظمهم الموافقة عليها. في المقابل، أعدَّ أهالي حي البستان خطتهم الخاصة، إلا أن بلدية الاحتلال رفضتها.
وأوضحت، أن أعمال الهدم لم تقتصر على المنازل، بل طالت أيضًا ناديًا مجتمعيًا ومواقف للسيارات ومستودعات. ويعتقد أهالي حي البستان أن جمعية "إلعاد" الاستيطانية هي التي ستدير الحديقة المستقبلية التي تنوي بلدية الاحتلال إقامتها.
ونقلت الصحيفة عن بلدية الاحتلال زعمها أن عمليات الهدم لا تشير إلى أنها لم تعد راغبة بالتوصل إلى اتفاق مع أهالي حي البستان، إلا أن أهالي الحي أعلنوا أنهم سيتوقفون عن التفاوض مع البلدية بسبب سياسة الهدم هذه.
وقال أهالي الحي، في بيان لهم: "حقوقنا في العيش بكرامة غير قابلة للتفاوض".
وأشارت "هآرتس" إلى أن المعاناة في سلوان لا تقتصر على حي البستان، وإن كان الأشدّ استهدافًا، إلا أن حي بطن الهوى القريب يواجه أيضًا خطر التهجير القسري. لكن، في بطن الهوى، لا تسعى بلدية الاحتلال إلى هدم المنازل، بل تريد أخذها من أصحابها المقدسيين وتسليمها للمستوطنين.