ماذا يعني أن تحتفل دولة الاحتلال والغصب بالذكرى السنوية الحادية والسبعين لاستقلالها كما يزعمون؟! الاحتفال بالاستقلال يعني عندهم أن العرب كانوا يحتلون أرض (إسرائيل) قبل يوم الاستقلال، وإن هذا الاحتلال زال بقوة مقاومة الشعب اليهودي. وتخليدا لذكرى هؤلاء الذين انجزوا الاستقلال وأقاموا الدولة، تحتفل (إسرائيل)، والجاليات اليهودية في العالم بهذا اليوم بصفته مناسبة يهودية قومية.
الاستقلال يعني أنه لا توجد فلسطين، ولا يوجد شعب فلسطين. وإن ما كان قبل عام 48 هم عرب محتلون لأرض (إسرائيل). وعليه فإن الاستقلال يعني أن (إسرائيل) لن تسمح بقيام دولة فلسطينية غرب النهر على أرض (إسرائيل؟!). وعلى الأقلية العربية أن ترحل لدول الإقليم، أو أن تقبل بحكم ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية. ومن ثمة يمكن القول: إن (إسرائيل) لم تفاوض، ولا تفاوض على حلّ الدولتين، وأن المفاوضات تجري تحت سقف مفهوم الاستقلال عندهم؟!
نحن الفلسطينيين نحيي ذكرى النكبة في هذا التاريخ، ونؤكد على حقنا في العودة إلى فلسطين، ونؤكد من خلال هذا الإحياء على وجود الشعب الفلسطيني، وأنه ليس أقلية عربية، ونؤكد على وجود فلسطين عبر التاريخ منذ الفتح الإسلامي وقبله، وأن الصراع سيستمر إلى أن تعود فلسطين لشعبها وعالمها الإسلامي، وعلى اليهود أن يعودوا إلى البلدان التي جاؤوا منها بعد أن قطّعهم الله في الأرض أممًا، لا تجمعهم أرض، ولا دولة جامعة.
إن تغافل قادة منظمة التحرير عن معنى الاستقلال المزعوم ودلالته في ثقافة يهود، وعن معنى النكبة ودلالتها في ثقافة الفلسطينيين والمسلمين، جعلهم يسقطون في جريمة المفاوضات، وفي الإثم الأكبر بعد النكبة؟! وكان اعترافهم بحق وجود (إسرائيل) على 78% من أرض فلسطين، هو تعزيز لا يغتفر لمفهوم الاستقلال عند الإسرائيليين، وإن تنازل عباس عن صفد، وتنازل أبو سيف عن يافا، يعنيان اعترافهما بمفهوم الاستقلال كما يحتفل به العدو.
الاستقلال الصهيوني هو الاحتلال، هو النكبة، والمفاوضات اعتراف واضح بالاستقلال، والتنازل الفردي عن صفد ويافا هو اعتراف بالاستقلال، والتنسيق الأمني هو إقرار بالاستقلال، ورسائل التهنئة من قادة م ت ف، أو قادة العرب هو إقرار بالاستقلال، ونفي للنكبة، وإهمال لمطالب الفلسطينيين الوطنية بالعودة؟!