" لقد عاشت عائلتي في يافا لأكثر من ألف عام. وأنا أعرف جميع جدودي وأسلافي بأسمائهم. أنا مستعد لأن أقبل بأن تكون يافا جزءا من إسرائيل، طالما ظلت غزة والضفة الغربية لنا؟!...
" إن غزة قد تكون المكان الأوسخ والأسوأ في العالم وهي مكان يحكمه الأصوليون؟!". هذه تصريحات عاطف أبو سيف وزير الثقافة في حكومة فتح، أدلى بها لصحيفة قنطرة التابعة لإذاعة "دوتشه فيله "الألمانية، ونقلتها المواقع الإخبارية الفلسطينية.
بالأمس تنازل رئيس فتح محمود عباس عن صفد، وهو في موقع رئيس السلطة، واليوم يتنازل ابو سيف عن يافا وهو وزير ثقافة في حكومة فتح؟! وهذا يعني أن فتح كلها تتنازل عن 78% من فلسطين لصالح (إسرائيل)، ويؤكد هذا الاتهام أن وزارة التربية والتعليم في رام الله أضافت إلى المنهج الفلسطيني كتيب( قدوتنا رئيسنا؟!). وعليه لو كان الخطأ عملا فرديا لما تعرضت له، أما وأنه خطأ حزبي، وغرس باطل في الثقافة والتعليم، فوجب نقده وفضحه.
إن فتح مفجّرة الثورة، وأول الرصاص، وأم الجماهير، قد ألغت تاريخها وماضيها. فقد بدأت بالتحرير، وانتهت بالاعتراف، وتجاوزته إلى التنازل؟! واتخذت من عباس قدوة، وقفزت عن القدوة الحقيقية، سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
السؤال المؤلم يقول: ماذا استفاد عباس، وأبو سيف ، من تصريحهما المجاني هذا، ولم تطلبه (إسرائيل )؟! ماذا استفادت فتح نفسها من تصريح وزير ثقافتها، أو من قدوتها الجديد وقد وصفه زعيمها الراحل يوما بكرزاي فلسطين ؟! ألا تثقل كاهلها هذه التصريحات بأعباء لا قدرة لها عليها، ومن ثمة تجعلها فاقدة الشرعية لتمثيل الإرادة الشعبية؟! ( راجعوا انفسكم)
حين يكون التصريح السيئ من وزير الثقافة في حكومة فتح فهذا يعني أنها قررت زرع ثقافة حب (إسرائيل) والتعاطف معها، وهي ثقافة بدأ يتردد صداها بين المثقفين بثقافة فتح في الإمارات والبحرين وعمان وغيرها من الدول.
الثقافة ماض وحاضر ومستقبل، ومن لا يحفظ الماضي، ليس أمينا أن يحفظ الحاضر والمستقبل. كيف يمكن للشعب الفلسطيني الذي نشأ على المقاومة والتحرير قبل أن تنشأ حركة فتح أن يعيش مرتاح البال لقيادة أول تصريح لوزير ثقافتها هو التنازل عن يافا، وشتم غزة ؟!
يبدو أن الوزير لا يعرف يافا، ولا يعرف أجداده ممن سكنوا وماتوا من أجلها، لذا هو ليس امتدادا لأجداده، وليس امتدادا ليافا وسكانها؟! ثم من أعطاه الحق في تمثيل يافا عروس البحر وقلعة النضال الفلسطيني قبل النكبة وفي أثنائها؟! أنا من يافا العجمي، وأجدادي سكنوا يافا، وأنا لم أفوضه للحديث باسمي، وعائلة أبوسيف لم تفوضه، كما لم يفوض أحد عباس للحديث باسم صفد؟! صفد للصفديين، ويافا لليافيين، طال الزمان أو قصر! يافا التي قصفت تل أبيب، وتصدت لهجمات الأرجون والهاجنا واشتيرن، واتعبت بيغن، وحين سقطت, سقطت فلسطين، لا تقبل بمسترزق أن يُمثل أهلها وأن يتنازل عنها؟! . العمل السياسي لا يبيح هذه السخافات المؤلمة للسكان، والمريحة للأعداء؟! وزعم تحريف في التصريح حيلة مكشوفة؟!
ثم إذا كانت غزة هي المكان (الأوسخ و الأسوأ ) في العالم، ويحكمها (أصوليون)، يقصد حركة حماس، فبإمكانك وقد صرت وزيرا أن تسكن رام الله، حيث النظافة، وحيث لا أصولية، ودع المكان الأوسخ لأهله، فربما جاء يوما وقد تمكنوا من تنظيفه بماء الوطنية بعد ماء الإيمان.
غزة في عيني وعين أهلها المحترمين من أفضل الأماكن في العالم، كيف لا وهي من الأرض المباركة حول المسجد الأقصى، ورحم الله العارف بالله الغزي الذي حضرته الوفاة وهو في (بلخ) فقال: اللهم اغفر لي لأني مغترب، ولأنني من غزة، من بلد الإمام الشافعي؟! هذه غزة. من أجمل وأحكم بلاد العالم.
ثم ماذا تستفيد غزة التي تشتمها، وتصفها (بالأوسخ والأسوأ) من تحريضك عليها إسرائيل و الغرب والأمريكان حين تزعم أنه يحكمها الأصوليون؟! ومتى كانت الأصولية الإسلامية سبة وشتيمة؟!، ورسول الله يوصينا بالتمسك بأصول الإسلام من صلاة وزكاة وصيام ... وبموالاة المسلمين وكراهية الكافرين والمنافقين، وإدارة الحكم بمنهج الإسلام. إنه لشرف عظيم لغزة أن تسير على منهج الإسلام، وليت هذا يتعمق بما فيه الكفاية لنستحق شرف استعادة يافا وصفد والقدس، بحسب وعد الآخرة كما في سورة الإسراء. # ثقافة-فتح الجديدة- لا تمثلني.