صفقة القرن ماضية شاء من شاء وأبى من أبى. هذا ما تودّ نقله التسريبات التي تتحدث عن صفقة القرن، خاصة تلك التسريبات التي نشرتها صحف عبرية، أو نُسبت إلى أكاديميين، ومحللين سياسيين.
التسريبات الهادفة تقول : إن الصفقة تهدد عروشا عربية بالزوال؟! من كان مع الصفقة فهو مع ترامب، وسيتلقى حماية لعرشه، ومن كان ضد الصفقة، فهو ضد ترامب، ولن يتلقى الحماية، وسيزول عرشه. والصفقة ماضية؟!. وإذا رفضت السلطة الصفقة فلن تتلقى قرشا من أميركا، وإذا رفضتها حماس فستبقى على قائمة الإرهاب؟! وعلى دول الخليج المنتجة للبترول تحمل 70% من تكاليف الصفقة المالية، لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني، لأنها في النهاية هي المستفيد الرئيس من الصفقة؟! وعلى ( إسرائيل) القبول بالصفقة أو تلقي عقوبات بوقف المساعدات الأميركية؟!
هكذا. أميركا ترى نفسها المقرر الأوحد في العالم لما يجب أن ينتهي إليه الصراع في فلسطين المحتلة. أميركا ترى أنها المقرر بقوة المال وقوة السلاح. وعلى العرب والفلسطينيين القبول بهذا الواقع والامتثال له طوعا أو كرها. ومن لا يمتثل له يفقد عرشه لا محالة، أو يفقد مال أميركا ومساعداتها إن لم يكن له عرش، كالمنظمة، أو يزج باسمه في قائمة الإرهاب، كحماس والجهاد؟!
هذه اللغة الحادة القاطعة لغة مقصودة في هذه التسريبات، لإحداث اختراق في جدار الرفض الفلسطيني والعربي الرافض للصفقة. نعم هناك من يقبل بالصفقة، ويشارك في التمهيد لها، ولكن هناك آخرون يرفضونها، ولا يريدون أن يتعاملوا معها.
أميركا تعرف الطرفين جيدا، وأميركا ترى أن الأنظمة الغنية المؤثرة في المنطقة تسير مع الصفقة، وتشارك في التمهيد لها، وثمة طرف فلسطيني ربما هو مشارك لهذه الدول وإن أعلن أنه ضد الصفقة؟! وأميركا تعرف أن ما لا تعطه الأنظمة العربية والسلطة بالكلام الدبلوماسي تعطه بكلام التهديد، لذا شُحنت التسريبات بالتهديدات، وتحوّل الموقف من الصفقة من قضية موضوع ومضمون، إلى قضية شخص ترامب وذاته، فمن كان ضد الصفقة فهو ضد ترامب؟!
من المعلوم أن حماس موجودة على قائمة الإرهاب الأميركية. ومن المعلوم أن السلطة لم تعد تتلقى مساعدات أميركية منذ أشهر. ومن المعلوم أن إسرائيل قد شاركت كوشنير وغرينبلات في إعداد الصفقة، لذا هي تحتضنها سرّا وعلنا.
إن وضع حماس على قائمة الإرهاب لن يغير الواقع القائم. لذا فهي ضد الصفقة. وإن قطع المساعدات عن السلطة لن يغير الوضع القائم مؤخرا. فهي ضد الصفقة، إن لم يكن ثمة شيء يجري في الخفاء. وتبقى أنظمة العرب ويكاد يكون موقفها من الصفقة واضحا لمن يقرأ أفعالها قبل أقوالها. ومع كل ذلك الخطر والكيد سيبقى الصراع قائما، وستبقى فلسطين عربية إسلامية، وسيذهب ترامب لبيته، ولن يتنازل الفلسطينيون عن وطنهم، وسيقودون الرافضين لهذه الصفقة المذلة المهينة ؟!