على مدار الأيام السابقة يثار في أروقة الإعلام الإسرائيلي الحديث عن انهيار السلطة الفلسطينية نتيجة الأزمة التي افتعلها الاحتلال الإسرائيلي باقتطاع جزء من أموال المقاصة المحولة للسلطة؛ الأمر الذي أدخل الأخيرة في أزمة حقيقية باتت، وفق التقديرات الإسرائيلية، تهدد وجودها إن استمرت لعدة أشهر، مع دعوات إسرائيلية لمد طوق النجاة لها وإنهاء أزمتها.
خطوة للتراجع
يشير المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي أن الجهات الرسمية الإسرائيلية أبلغت الأمم المتحدة بأنه لا يوجد داع لانهيار السلطة، لكون حدوث ذلك سيؤدي لفوضى عارمة بالمنطقة وسيترك أثرا بالغ السوء على الفلسطينيين والاحتلال، وستكون فلسطين دون قيادة وتنهار الخدمات الاقتصادية والاجتماعية وتضطر (إسرائيل) لتحمل المسؤولية، وهو ما لا تريده لا الآن ولا مستقبلاً.
وأضاف مجلي لصحيفة "فلسطين": "في حال انهارت السلطة فلن يخرج أحد مستفيدا والكل سيتضرر، وسيتوقف النظام والمؤسسات، ولن يكون هناك أمن ونظام وقانون، وهذه أمور تؤدي إلى كارثة".
وتحاول (إسرائيل) وفق مجلي، البحث عن خطوة وطريقة للتراجع عن قرار اقتطاع أموال الضرائب، بالبحث عن متبرع يعطي السلطة الأموال التي تخصمها، بعد أن أدخلتها في أزمة، متوقعا اضطرار الاحتلال -إذا صمد الموقف الفلسطيني الرافض- للتراجع عن خصم 10% من أموال المقاصة.
ولفت إلى أن سياسة الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني بكل مكوناته سياسة عداء مطلق، وما يمنعه من دخول أزمة دولية وإقليمية نتيجة انتهاكاته للشعب الفلسطيني هو استمرار الانقسام الفلسطيني.
وحول تعاطي حكومة الاحتلال المقبلة مع السلطة، يعتقد مجلي أن الخطوط العريضة لحكومة الاحتلال القادمة، تتمثل بضم كل المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية للاحتلال.
عدة جوانب
في حين يرى المختص في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم أن (إسرائيل) تخشى عودة مسؤولية المناطق الفلسطينية إليها وتحمل أعبائها في حال انهارت السلطة.
وقال علقم لـ"فلسطين": "إن بقاء السلطة يوفر الغطاء للاحتلال ليقوم بمصادرة الأراضي فبقاء السلطة بهذه الحالة، يبرر إجراءاته والخطوات الأحادية التي يتخذها كنتيجة لامتناع السلطة عن التفاوض"، مبينًا أن انهيار السلطة سيضع حدًّا للمشاريع التهويدية وتغولها على الشعب الفلسطيني.
وأضاف: "في وجود سلطة ضعيفة يعمل الاحتلال على تصفية بنود القضية الفلسطينية واحد تلو الآخر، كالقدس واللاجئين والحدود، واستمرار الاستيطان، كما أن الاحتلال لا يريد فقدان الأمن الذي يتمتع به بوجود السلطة والتنسيق الأمني".
واستدرك: لو كان هناك مصلحة لدى الاحتلال بانهيار السلطة لعمل على إزالتها منذ زمن، وفي كل مرة كانت تتعرض فيها السلطة لأزمة كان الاحتلال يمد لها طوق النجاة، مشيرا إلى أن هذا الواقع وضعت السلطة فيه من قبل وألقيت إليها شباك إنقاذ لتبقى السلطة موجودة ولكنها عاجزة.
وبحسب علقم، يسعى الاحتلال -في ظل رفض السلطة استلام أموال المقاصة منقوصة- لتعويض النقص للمحافظة على بقاء السلطة من خلال محاولة تجنيد مئات الملايين من الدولارات من دول عربية أو أوروبية وتقديمها كمشاريع للسلطة للمحافظة على وجودها.
وأضاف: "هذا السيناريو سينزل كلا الجانبين عن الشجرة التي صعدتها السلطة برفضها استلام أموال منقوصة، والاحتلال الذي أصدر قانونا باقتطاع مخصصات الأسرى وعوائل الشهداء من الضريبة".
البحث عن مانحين لمساعدة السلطة، وفق علقم، هو الموقف الذي يحاول الاحتلال من خلاله التملص من تبعات قراره والتراجع عنه، ويفهم من ذلك أن وجود السلطة بشكلها الحالي ووضعها الضعيف هو ضمانة لاستمرار المشاريع التهويدية الإسرائيلية، "كعملية ابتزاز للموقف السياسي الفلسطيني بشكل مهين".
ويربط علقم بين واقع السلطة وسياستها السابقة، بأنها فقدت كل أوراق القوة ونقاط الإسناد التي تحتاج إليها في مواجهة الاحتلال، فتجاهلت أوراق القوة والصمود، وأوصلت نفسها لهذا الواقع، في ظل هيمنة فتح على كل مفاصل السلطة.