يعود علينا شهر رمضان المبارك، ويعود السؤال الذي سألني إياه والدي إلى الذاكرة تعقيبًا على سلسلة مقالات كتبتها هنا قبل عامٍ: "هل هذا هو أول رمضان تصومه؟!".
في الحقيقة أن سلسلة مقالات "أول مرة أصوم" كان الهدف منها أن تدفعنا لرؤية عبادة الصيام بأبعاد أخرى غير تقليدية، ولم نعتد عليها في الخطاب الديني، لا لأنها غير موجودة في ديننا، ولكن لأنها ضاعت مع زحمة المواضيع والأسئلة الكثيرة، ودعوني أقدم ملخصًا عن أمرين مهمين ناقشتهما هذه السلسلة.
أولًا: أن تصوم رمضان كل عام كأنه آخِر رمضان في حياتك، فالنهايات تجعلنا مندهشين يقظين، نرى أشياء لم نكن لنراها من قبل، ونكتشف تفاصيل جميلة غابت عنا طوال سنوات الصيام السابقة، لأننا ربما نصوم صومَ مودّع، فستكون تجربة الصيام كأننا نصوم أول مرة.
ثانيًا: "لعلكم تتقون" في آخر آية فرض الصيام، لا تعني حصرًا الخلاص الفردي، ولا تعني أن تعزل نفسك عن الحياة والمجتمع والأسواق والناس، من أجل أن تنجوَ بمفردكَ ويهلك الجميع، فالتقوى ليست بحد ذاتها وقاية وحماية فردية، لكنها صونٌ وحماية للمجتمع، هي تبدأ بالفرد كونه اللبنة الأساسية للمجتمع، ثم يجب أن تمتد إلى باقي تفاصيل المجتمع، ولولا ضرورة هذا الفهم لما أمر الله بإهلاك قرية من القرى وفيها رجل صالح، لم يعصِه طرفة عين، لأنه لم يتمعر وجهه لما فيها من فساد.
هذا جزء من أجزاء ناقشناها في تلك السلسلة التي أتشرف بدعوتكم لقراءتها عبر موقع "فلسطين أون لاين"، راجيًا من الله القبول، ولكم الاستفادة، وأسأل الله تعالى أن يسلمنا رمضان ويتسلمه منا مقتبلًا، ونكون ممن يبكون رمضان شوقًا لا ندمًا، ونخرج منه بتذكار جميل كعبادة أو سلوك نراكمه في أفعالنا الحسنة، وفي معاملاتنا المجتمعية.
وكلّ عامٍ وأنتم بخير.