عندما كان صغيرًا، كان علي الجبالي يلهو في حديقة المجمع الإيطالي للأطفال، غربي مدينة غزة قبل أن تتحول إلى حديقة قاحلة بفعل القصف الإسرائيلي الذي استهدف المجمع السكني (برج الإيطالي) خلال العدوان الإسرائيلي على غزة صيف 2014، ودمره بالكامل.
وشكلت الأرض الفارغة من الألعاب، وما تبقى من ركام المجمع السكني الذي يقطن قريباً منه، مصدر إلهام للطفل الجبالي الموهوب بالرسم، الذي أصبح فناناً يبلغ من عمره (26 عامًا)، ليرسم لوحاته الفنية الجدارية والزيتية على جدران صماء، أضحت تبعث الأمل لمن يشاهدها.
وتحت عنوان "الحالمون بين الركام"، أطلق الفنان الجبالي معرضه الفني بجهد ذاتي، حاملاً بين طياته رسالة أهالي غزة الحالمين بحياة فضل، وتحقيق أحلام وآمال أجمل يحول دون تحقيقها حصار إسرائيلي امتد لأكثر من 12 سنة.
الفنان بدأ برسم اللوحات الفنية بأنامله قبل 8 أشهر، إذ ظهرت إحدى لوحاته التي رسمت على ما تبقى من ركام جدران المجمع الإيطالي، شابا ينظر بعينيه إلى سماء غزة، آملاً بتحقيق أحلامه التي عجز عن تحقيقها.
في حين رسم لوحة فنية أخرى لطفلة شقراء الشعر، التقطت صورة لها ورسمها الشاب، وسط أرض زراعية، جالسة على حجر من سور أرض أهلها، حاملة بيديها دمية، وتحمل في عينيها براءة الطفولة المحرومة من حياة كريمة لها.
وحول رسالته من إقامة المعرض، أوضح الجبالي لـصحيفة "فلسطين" أنها رسالة إنسانية حضارية، محاولاً تحويل الركام والدمار اللذين خلفهما الاحتلال إلى جانب إيجابي مشرق يبعث الأمل والحياة، في ظل البؤس الذي يعيشه أهالي غزة.
واختصر تلك الرسالة بالقول: "رسالتي تحويل الدمار إلى حياة"، مبيناً أنه يسعى لتحقيق طموحه بنقل اللوحات إلى العالم وإقامة معارض فنية لإيصال رسالة أهالي غزة إلى العالم.
معرضه الفني المكون من 10 لوحات فنية منها 4 جداريات بمساحة 16 متراً، و6 لوحات زيتية، وصفه الجبالي بأنه اختصار لتوصيف حالة الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة، وما يعيش من صعوبات ومعاناة بسب استمرار الحصار.
وعانى الفنان الذي درس هندسة الديكور في رسم لوحاته الفنية، بسبب عدم توفر إمكانات وموارد الرسم الدقيقة وعالية الجودة في الأسواق المحلية.
ولاقى المعرض الفني إعجاب الزوار وفرح الأطفال الذين زاروه، معبراً عمّا في داخلهم من صمود وثبات في أرضهم، التي حملت اللوحات الفنية لونها البني ومشتقاته، وغيرها من الألوان الجمالية، القريبة إلى روح ولون الإنسان والأرض.
ويطمح الشاب إلى نقل هذا المعرض إلى خارج قطاع غزة، والاحتكاك بالفنانين العالميين في محاولة منه لإيصال معاناة غزة لهم عن قرب، وتطوير مهاراته الفنية وتطوير التغذية البصرية بمشاهدة رسومات زملائه خارج فلسطين عن قرب.