فلسطين أون لاين

مع قرب رمضان

استمرار قطع رواتب الأسرى والجرحى.. زيادة للمعاناة وخنق للمقاومة

...
غزة/ نور الدين صالح:

على غير عادته يستقبل الجريح ظريف الغرة شهر رمضان هذا العام بشكل مختلف عن الأعوام السابقة، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي لحقت به، نتيجة قطع السلطة راتبه قبل أشهر عدّة.

وتفاجأ "الغرة" بقطع راتبه في شهر يناير الماضي، دون سابق إنذار، ما أثار غضبه ودفعه لاتخاذ خطوات احتجاجية برفقة آخرين من الأسرى وأهالي الشهداء الذين قُطعت رواتبهم تمثلت بالإضراب عن الطعام ونصب خيمة اعتصام أمام مقر مجلس الوزراء التابع لرام الله، جنوب غرب مدينة غزة.

كان "الغرة" واحداً من 1100 جريح آخرين من قطاع غزة، قطعت السلطة رواتبهم، حيث يؤكد أن معاناته تزداد يوماً بعد آخر، خاصة مع قدوم شهر رمضان، قائلاً: "هذا أول رمضان يُمر على عائلتي دون رواتب".

ويضيف خلال حديثه مع "فلسطين"، أنه لم يستطع تلبية احتياجات عائلته لشهر رمضان كما في السابق، نظراً لتردي الأوضاع المعيشية لديه، واصفاً آثار قطع الرواتب "بالكارثية".

ويُكمل أن استمرار انقطاع الرواتب الذي يتزامن مع التهميش الكامل من السلطة، ترك الكثير من المعاني النفسية والاجتماعية السلبية، حيث بات الكثيرون ممن قُطعت رواتبهم تحت خط الفقر.

ولم يستبعد الغرة أن يكون أحد أهداف السلطة من هذا الإجراء هو ضرب القيم الوطنية لدى الكثيرين في قطاع غزة، والتأثير على مستقبل المقاومة أيضاً، معتبراً تلك الخطوة "شرعنة لإجراءات الاحتلال ضدهم".

ويوضح أن المقطوعة رواتبهم من هذه الفئة بدؤوا بخطوات جديدة بالتواصل مع الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، بهدف استعادة حقوقهم التي شرعتها كل القوانين الدولية.

والخطوة الثانية وفقاً لقوله، هي البدء بإجراءات تقديم شكوى رسمية ضد السلطة لمكتب المفوض السامي في قطاع غزة خلال الأيام القادمة.

وبحسب اللجنة العليا لمتابعة جرحى مسيرات العودة، فإن السلطة قطعت رواتب أكثر من 3100 ما بين شهيد وأسير وجريح وجميعهم من قطاع غزة، منهم 1100 جريح، و400 أسير، و1668 شهيداً.

لا يختلف الحال كثيراً لدى الأسير المحرر فادي النمنم (31 عاماً) الذي كافأته السلطة بقطع راتبه بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال بأسبوع واحد فقط، في شهر يناير الماضي.

وأمضى النمنم حكماً بالسجن سبع سنوات لدى الاحتلال الإسرائيلي، بعدما اعتقلته عام 2011.

ويقول لصحيفة "فلسطين": "عدنا إلى قطاع غزة بعد سنوات من الأسر، وكنت على أمل أن أعيش حياة كريمة فيها الكثير من الراحة، لكنني فوجئت بقطع راتبي".

ويؤكد أن قطع راتبه أثر سلباً على حياته، وأدى إلى تراجع أوضاعه المعيشية والاقتصادية، خاصة مع قدوم شهر رمضان.

ويضيف أنه لم يستطع جلب الاحتياجات الأساسية الخاصة برمضان، علماً أنه سيمضي هذا الشهر بين أحضان عائلته لأول مرة بعد انقطاع 7 سنوات.

ويشير إلى أنه لا يمتلك أي مصدر دخل الآن لإعالة أسرته، لذلك فإن "تحضيراتنا لرمضان هي صفر".

ويُطالب النمنم، بضرورة تجنيب الأسرى والشهداء والجرحى عن المناكفات السياسية، خاصة أنهم أفنوا أعمارهم فداءً للوطن.

خنق المقاومة

و يرى الكاتب والمحلل السياسي د. محمود العجرمي، أن السلطة تسعى من وراء سياسة قطع رواتب هذه الفئات، الضغط على سكان قطاع غزة، وخنق المقاومة الفلسطينية.

وقال العجرمي خلال حديثه مع "فلسطين": إن عباس مستمر في إجراءاته ضد غزة، بل يُهدد باتخاذ المزيد ضمن محاولاته للضغط على القطاع.

وأضاف أن "هذه الاجراءات لم تقلل من حجم التأييد الشعبي للمقاومة في قطاع غزة، بل تعاظمت خلال الأعوام الأخيرة، رغم مرور ثلاث حروب".

واعتبر أن تمسك الشعب الفلسطيني بالمقاومة بمنزلة "كشف زيف مسيرة التسوية التي تقودها السلطة منذ أكثر من ربع قرن".

وعدّ العجرمي تمسك السلطة بسياسة العقوبات ضد غزة يندرج في إطار "تمرير ما تُسمى صفقة القرن"، مشيراً إلى أنها تؤدي دوراً وظيفياً لخدمة الاحتلال.