فلسطين أون لاين

تحليل: مبادرتا "هنية" و"مسلّم" منطلق مهم لإنهاء الانقسام ومجابهة صفقة القرن

...
جانب من لقاء هنية مع الفصائل الفلسطينية تصوير / ياسر فتحي
غزة/ أحمد المصري:

رأى محللان سياسيان أنّ مبادرتي رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ورئيس الهيئة الشعبية العالمية لعدالة وسلام القدس الأب مانويل مسلم، اللتين أطلقتا مؤخرًا، تمثلان منطلقًا مهمًا لإنهاء الانقسام السياسي، وتصليب الجبهة الداخلية الوطنية لمجابهة مخاطر تنفيذ صفقة القرن الأمريكية.

وقال المحللان لصحيفة "فلسطين": إنّ المبادرتين تشتملان على آلية نضال وطني مشترك وترك إرث الانقسام، وإرباك حسابات أي من الأطراف المتغولة على الحقوق والثوابت الفلسطينية، إلا أنهما شككا في إمكانية التقاط حركة فتح لهما.

وتضمنت مبادرة "هنية" التي أطلقها خلال لقاء وطني عقده، السبت الماضي، مع قادة الفصائل الوطنية تحت شعار "متحدون في مواجهة صفقة القرن" دعوة إلى التوصل لرؤية وطنية وميثاق شرف لإسقاط صفقة القرن، وعقد لقاء وطني لمناقشة استراتيجية لمواجهة هذه الصفقة.

و أطلق الأب "مسلم"، أول من أمس، مبادرة أخرى خلال مؤتمر بالشراكة مع شخصيات وطنية ودينية، تضمنت الدعوة إلى انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني؛ كخطوة أولية لإصلاح الأوضاع الفلسطينية وإنهاء الانقسام.

ورأى المحلل السياسي د. هاني البسوس، أنّ مبادرتي "هنية" و"مسلم" جاءتا وفقا لمقتضيات المرحلة وما تواجهه القضية الفلسطينية من أخطار، مشددًا على أنّ الصفقة الأمريكية "صفقة القرن" بحاجة فعليًا لوحدة الصف، واستنفار لكل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي "وهو ما حاولت المبادرتان قوله."

وأكدّ البسوس وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس بعُمان، أنّ عدم اجتماع الكل الفلسطيني ضمن بوتقة واحدة لمواجهة الأخطار القائمة، يمثل كارثة على كافة مفاصل القضية الفلسطينية.

ورغم إيجابية المبادرتين في منظور "البسوس"، وكونهما منطلقا مهمًا لإنهاء الانقسام السياسي وتصليب الجبهة الداخلية، إلا أنه شكك بإمكانية قبول السلطة في رام الله وحركة فتح بهما، مضيفا أن "الواقع يقول إنّه من الصعوبة بمكان أن تلقى الدعوتين آذانا صاغية من السلطة وفتح".

صفقة القرن

ونوه إلى أن رئيس السلطة محمود عباس، يتحدث عن تصديه لصفقة القرن الأمريكية، لكنه في ذات الوقت لا يلبي حاجة مجتمعه الفلسطيني بتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، ولا يتعاطى مع المطالبات الدائمة برفع العقوبات عن غزة أو حتى يستجيب لبنود مبادرتي "هنية" و"مسلم".

ورأى البسوس أن حديث "عباس" عن تصديه لـ"صفقة القرن"، إذا كان ذا مصداقية، لا بد من إرفاقه بتلبية مطالب الجمهور والفصائل والقوى والشخصيات السياسية الفلسطينية الداعية لإنهاء الانقسام وتوحيد الصف والكلمة.

وذكر أنّ أحد أسباب عدم استجابة السلطة لدعوتي "هنية" و"مسلم"، تتعلق برؤية تمثليها للفلسطينيين وأنّ ما دونها ليس ذا شأن أو وزن، فيما أنها لا يمكن أن تتعاطى مع مبادرة أي جهة أو شخصية إلا في حال وافقت توجهها السياسي وجنح لموقفها.

وصفقة القرن لم تعلن تفاصيلها، إلا أنّ بعض التسريبات المتداولة إعلاميًا، تتلخص في إنهاء "الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني"، عبر توطين الفلسطينيين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وإنهاء حق العودة، والاعتراف بسيادة الاحتلال على مستوطنات الضفة.

منطلق هام

وقال المحلل السياسي فرحان علقم: إن الصفقة الأمريكية تسد حاجة دولة الاحتلال الإسرائيلي ومطالبها، وتبدو الأخطر وفقا لما تم تسريبه على مفاصل القضية الفلسطينية برمتها، مضيفا "وهنا يبرز كل وطني لصد هذه الهجمة".

ورأى أن مبادرتي "هنية" و"مسلم" وفقا لمتابعته تمثلان منطلقًا مهمًا لإنهاء الانقسام السياسي، وتصليب الجبهة الداخلية الوطنية لمجابهة مخاطر تنفيذ صفقة القرن، مضيفا "المطلوب أن يكون هناك إرادة من رئيس السلطة وبصفته رئيسا لحركة فتح لالتقاط هاتين المبادرتين وتنفيذهما".

ونبه علقم إلى أنّ ما احتوته المبادرتان من بنود إنهاء الانقسام، والتفرغ لمجابهة صفقة القرن، يمثل مطلبًا شعبيًا ونخبويًا عريضًا، والمطلوب نزول القيادة عن إرادة الشعب وما يريده بإنهاء حالة التشرذم وإلغاء الآخر والتفرد بالقرار.

وأكد علقم ضرورة التقاط فتح للمبادرتين "إذا أرادت مواجهة صفقة القرن بصورة حقيقية"، والإيمان بأن وجودها وحدها والفصائل في شق آخر دون تكامل من شأنه أن تعزيز تمرير الصفقة الأمريكية التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني، وتغير الخارطة الفلسطينية بما يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته.